بعد قرار ترامب المفاجئ سحب قواته من سوريا ومن أفغانستان.. وزير الدفاع يستقيل

إستقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الخميس من منصبه متصدراً الأصوات المعترضة في الداخل وكذلك في الخارج على قرار الرئيس دونالد ترامب سحب كل القوات من سوريا وقسم كبير من الجنود من أفغانستان.

من جانبه دافع ترامب بقوة عن قراره المفاجئ متعهداً بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن “شرطي الشرق الأوسط” وأن الألفي جندي المتمركزين في سوريا لم يعد لديهم ما يفعلونه بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.

علماً أنه سعى دوماً بمواقفه المعتدلة إلى التخفيف من وطأة مواقف الرئيس الارتجالية.

وفي رسالة بعث بها الى ترامب قال العسكري المتمرس إن نظرته الى العالم التي تميل الى التحالفات التقليدية والتصدي ل”الجهات الخبيثة” تتعارض مع وجهات نظر الرئيس. وأضاف “لأنه من حقك أن يكون لديك وزير دفاع وجهات نظره تتوافق بشكل أفضل مع وجهات نظرك حول هذه القضايا وغيرها، أعتقد أنه من الصواب بالنسبة لي أن أتنحى عن منصبي”.

وأثنى ماتيس على التحالف الدولي في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وعلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي أنشئ قبل نحو سبعين عاماً بين أميركا الشمالية وأوروبا ولطالما شكك ترامب بجدواه نظراً للكلفة العالية التي تتحملها بلاده.

وكتب ماتيس “إن وجهات نظري حول معاملة الحلفاء باحترام، وأيضاً أن نكون واضحين بشأن الجهات الفاعلة الخبيثة والمنافسين الإستراتيجيين، تأسست بناء على معلومات تمتد على مدى أكثر من أربعة عقود من العمل عن كثب على هذه القضايا”.

بعد يوم من الإعلان المفاجئ عن سحب القوات من سوريا، صرح مسؤول أميركي لفرانس برس أن ترامب قرر أيضا “سحب عدد كبير” من الجنود المنتشرين في أفغانستان في إطار عملية أميركية أكبر بكثير.

“أزمة أمن قومي”

عبّر المشرّعون الأميركيون من الجمهوريين والديموقراطيين عن خشيتهم من استعادة تنظيم الدولة الإسلامية قدرته على التحرك في سوريا وشعروا بالقلق مع مغادرة ماتيس منصبه من إدارة مرتجلة في قراراتها.

وقال السناتور الجمهوري ماركو روبيو إن ماتيس في رسالته “يقول بوضوح تام إننا نتجه نحو سلسلة من الأخطاء السياسية الخطيرة التي ستعرِّض بلادنا للخطر، وتضر بتحالفاتنا، وتقوي أعداءنا”.

ووصف السناتور الديموقراطي مارك وارنر ماتيس بأنه “جزيرة من الاستقرار وسط فوضى إدارة ترامب” وعبر عن مخاوفه من سياسة توجهها “نزوات الرئيس المتقلبة”.

في هذه الأثناء، قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بشكل مباشر إن على الولايات المتحدة “أن تميز بوضوح من هم أصدقاؤنا ومن هم أعداؤنا، وأن تدرك بأن دولاً مثل روسيا هي بين هذه الفئة الأخيرة”.

وقال إنه “حزين بشكل خاص لأن (ماتيس) يستقيل بسبب الخلافات الحادة مع الرئيس حول هذه المسائل ومسائل أخرى رئيسية على صلة بالقيادة الأميركية العالمية”.

لاحظ ترامب أنه زاد من الإنفاق العسكري لكنه كان مهتماً للغاية بنشر القوات في الداخل لتنفيذ هدفه الرئيسي المتمثل في وقف الهجرة التي تجري عبر قنوات غير رسمية.

وكتب على تويتر “هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الأوسط، والحصول على لا شي مقابل إهدار أرواح ثمينة وتريليونات الدولارات لحماية الآخرين الذين، في جميع الحالات تقريباً، لا يقدرون ما نفعله؟ هل نريد أن نبقى هناك إلى الأبد؟ حان الوقت لكي يتولى الآخرون القتال”.

بوتين يشيد بترامب

سيجعل الانسحاب الأميركي روسيا التي تدخلت بقوة لدعم الرئيس بشار الأسد، القوة العالمية الأبرز في النزاع السوري.

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي نهاية العام إن ترامب فعل “الصواب” بسحب قواته من سوريا.

وقال “على العموم أتفق مع الرئيس الأميركي” بشأن الهزيمة التي لحقت بتنظيم الدولة الإسلامية.

ويرى بوتين، الذي عدَّ سقوط الاتحاد السوفياتي كارثة سياسية تاريخية، أن سوريا حليفة موسكو هي إحدى ركائز الحفاظ على نفوذ روسي في الشرق الأوسط. كما تدعم جمهورية إيران الإسلامية الرئيس بشار الأسد.

أما تركيا التي تعارض الأسد فقد يشجعها قرار ترامب لتنفيذ عملية جديدة داخل سوريا ضد المقاتلين الأكراد الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأميركية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتربط أنقرة بين الأكراد الذين يشكلون عصب قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من الولايات المتحدة وبين التمرد الكردي داخل تركيا. لكنها كانت مترددة في توجيه ضربتها مخافة تأجيج أزمة إذا تكبدت الولايات المتحدة خسائر.

وقال مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية، إن المقاتلين الأكراد سيواصلون المعركة ضد الدولة الإسلامية – لكن كل الرهانات ستسقط إذا هاجمتهم تركيا.

مخاوف في أوروبا

وحذر بالي من أن تركيا قد تستهدف السجون التي يحتجز فيها الأكراد مقاتلين من تنظيم الدولة الإسلامية لزرع الفوضى بمجرد مغادرة القوات الأميركية.

تبنى التنظيم المتطرف عدداً كبيراً من الهجمات والاعتداءات في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك الهجمات المتزامنة في باريس عام 2015، ويقدر الخبراء أن لدى التنظيم الآلاف من المتعاطفين.

في هذه الأثناء، شككت ألمانيا التي استقبلت أكثر من مليون لاجئ فر قسم كبير منهم من الحرب في سوريا، في تقييم ترامب بأن التهديد قد انتهى.

وفيما انحسر القتال إلى حد كبير في سوريا وبات وجود تنظيم الدولة الإسلامية محصوراً في بعض الجيوب، لا يزال الحل السياسي بعيد المنال في إنهاء الحرب التي راح ضحيتها أكثر من 360 ألف شخص وشردت الملايين منذ عام 2011.

مقالات ذات صلة