من يدفع ثمن الحرب الإسرائيلية؟

محمد عايش

حرير- الأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة العربية تؤكد أنَّ إسرائيل تشكل التهديد الأكبر لأمن دول المنطقة، ولمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية، حيث إن المنطقة بأكملها أصبحت اليوم تدفع ثمن الحرب العدوانية التي تستهدف قطاع غزة بشكل رئيس، ومن ثم تستهدف فلسطينيي الضفة الغربية واللبنانيين والسوريين.

ثمة خسائر فادحة تتكبدها دول المنطقة، بسبب الحرب الإسرائيلية المجنونة التي تهدف إلى تدمير الحياة بشكل كامل في قطاع غزة، وهذه الحرب هي الأطول التي يخوضها الإسرائيليون منذ بدأ احتلالهم للأراضي الفلسطينية، كما أنها الأكثر عنفاً، فضلاً عن أنها تتسع جغرافياً وتمتد إلى لبنان وسوريا واليمن، هذا إذا لم تشهد مزيداً من التوسع خلال الأسابيع والشهور المقبلة.

الاعتقاد الخاطئ لدى كثير من الدول العربية هو أنها بمنآى عن هذه الحرب، وأنها بعيدة عن التهديد الإسرائيلي، خاصة بالنسبة للدول المطبعة، أو التي تقيم علاقات صداقة وسلام مع دولة الاحتلال، وواقع الحال يؤكد أن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً وأن الدول التي أبرمت اتفاقات السلام مع إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً للعدوان الإسرائيلي، وعليه فإن مصلحتها تقتضي العمل من أجل الوقف الفوري لهذه الحرب. خلال الشهور الماضية دفعت المنطقة ثمناً باهظاً لهذه الحرب، وما زالت تدفع هذا الثمن، لاسيما مصر والأردن، وهما أول دولتين عربيتين ارتبطتا مع إسرائيل باتفاقات سلام، وكانتا تأملان في أن يؤدي هذا السلام إلى رفاه اقتصادي، فإذا بالنتيجة كانت معاكسة تماماً. أما أبرز الخسائر بسبب هذه الحرب فهي كالتالي:

أولاً: تراجعت إيرادات قناة السويس بنسبة 23.4% بعد أن لجأ الكثير من شركات الشحن إلى تحويل مسارها وتجنب المرور بالبحر الأحمر، ما أدى إلى تراجع الإيرادات السنوية إلى 7.2 مليارات دولار خلال العام المالي 2023-2024 مقابل 9.4 مليارات خلال العام الذي سبق، أي أن خسائر قناة السويس وحدها من جراء هذه الحرب بلغت حتى الآن 2.2 مليار دولار أمريكي.

ثانياً: توقعت مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني انخفاض إيرادات السياحة بنسبة 6% في حال استمرت الحرب الإسرائيلية على غزة، ما يعني خسارة الاقتصاد المصري مليارات أخرى من القطاع السياحي، إذا استمرت هذه الحرب. ومن المهم بطبيعة الحال الإشارة إلى أن قطاع السياحة وقناة السويس يشكلان أهم مصادر الاقتصاد المصري من العملة الأجنبية.

ثالثاً: في الأردن تراجع عدد السياح بنسبة 7.9% في النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من 2023، وقال البنك المركزي الأردني في تقرير له، إن إيرادات القطاع السياحي تراجعت 4.9% إلى 3.3 مليارات دولار بفعل تأثيرات الحرب.

رابعاً: قال صندوق النقد الدولي، إن صادرات الأردن ووارداته انخفضت عبر ميناء العقبة إلى النصف تقريباً بحلول نهاية شباط/ فبراير الماضي، بسبب الاضطرابات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة، أما رئيس النقابة اللوجستية الأردنية نبيل الخطيب فقال، إن أعداد الحاويات الواردة إلى ميناء العقبة خلال النصف الأول من العام الحالي انخفضت بنسبة 31% عما كانت عليه في السابق. وهذه الأرقام تؤكد أن التجارة الخارجية للأردن تأثرت إلى حد كبير بهذه الحرب.

المنطقة العربية بأكملها تتكبد خسائر فادحة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، سواء الدول التي تتعرض لعدوان عسكري إسرائيلي مباشر مثل لبنان وسوريا واليمن، أو الدول التي ترتبط مع إسرائيل باتفاقات سلام مثل، الأردن ومصر اللتين تتكبدان اليوم خسائر اقتصادية كبيرة. الحرب الإسرائيلية التي تستهدف قطاع غزة هي عملية تدمير للمنطقة بأكملها، ولا حل سوى إلزام اسرائيل بوقف إطلاق النار والتوقف عن هذا العدوان، من أجل كبح جماح نزيف الخسائر التي تُمنى به المنطقة بأكملها، وما لم تتوقف هذه الخسائر فلا معنى لاتفاقات سلام بالنسبة لدولنا العربية التي بات لهذا السلام تكلفة باهظة لها لا تقل عن تكلفة الحرب.

مقالات ذات صلة