ماذا لو استمر المنخفض الجوي ليومين؟

فارس الحباشنة

الناس في عمان بقوا ليوم طويل يبحثون عن طرق جديدة للحياة في ظل حالة غرق عمومية. وسط البلد كلها، من شوراع ومتاجر ومواقع أثرية تعرضت لفيضان وتدمير غير مسبوق. السيارات انسحبت ككائنات برمائية، والرعب سيطر على المدينة، وكما لم تفعله عواصف أخرى جلبه منخفض جوي.

الغرق، والمنخفض الجوي عرى البنى التحتية وخدمات الطوارئ في بلادنا، وعرى هياكل أجهزة في مواجهة طارئ طبيعي. وكأنك تقول إنه العجز والفشل والتردي.
ماذا لو استمر المنخفض الجوي ليومين وأكثر؟ سؤال لا يظهر في ثناياه فارق بين السخرية والواقع. سؤال يكشف عن غموض في خدمات الطوارئ والتي يظهر بها انهيار مفاجئ أمام كل طارئ طبيعي.
سؤال سيمر دون إجابة، ولربما البعض قد يستظرفه من باب السخرية والنكتة والظرافة الاعلامية والسياسية. ولكن من رأى الناس كيف عانوا في مواجهة منخفض جوي أغرق البلاد وشرد العباد، فانه يستدرك خطورة السؤال، ومحاذير الاجابة.
بالنسبة لمن انهارات منازلهم، وغرقت محالهم التجارية في وسط البلد بمياه الامطار، فانه انذار بخطر الموت. وبالنسبة لمحال تجارية خسارة بلغت حسب تقدير أولي في يوم واحد 50 مليون دينار.
من المتندرين نكتة مرت على المسامع دون مواربة، وتقول : ولو أن الأردنيين يشترون قوارب استعدادا واحتياطا لايام المطر، فكل شتوة مهما كان معدل هطولها المطري تخلف غرقا عموميا. نكتة أم واقع وحقيقة قد تتحول في حياة الأردنيين ما دمنا عاجزين في إدارة شتوة ومنخفض جوي ؟
هل يفكرون ويستخلصون دورسا وعبرا من المحن والتجارب الاليمة؟ بالطبع لا. ولو أن الجواب مضاد، لما تكررت الاخطاء والخسائر على فظاعتها الاليمة. السؤال خاطئ، ومن المفروض أن يكون السؤال عن محاسبة ومساءلة مسؤولين اختيروا لــ»مواقع وكراسي ادارات خدماتية عامة».
و لا أعرف كيف يبقى مسؤول مستقر الجلوس على كرسيه، وهو محاصر بالاتهام بالتقصير وسوء التدبير والادارة وقلة الحيلة وقلة الخبرة والموهبة والتجربة. وهل يفكر كثير من مسؤولي الحكومة في بلادنا غير بالالتصاق بالكرسي؟
ما وصلنا اليه طبيعي، والبنى التحتية تنهار تقريبا، والأردن على مشارف الاحتفال بمئوية الدولة. مع الاشارة الى أن البنى التحتية كانت مفخرة أردنية، ومشروع الدولة الوطني، وبنيت بحكمة ورشد إبان عهد الملك الراحل الحسين بن طلال، وكانت عنوانا للنهوض الأردني.
ولكن السؤال يتجدد الآن بحسرة ووجع وألم عن الشوارع المهترئة والبنى التحتية المنهارة في العاصمة، فماذا لو وجهنا السؤال نحو الأطراف البعيدة. ولو قلبت الصحف والسوشيال ميديا فأكثر ما تتابع شكوى الأردنيين من انهيار وضعف وتدني وانعدام الخدمات على امتداد منظورها. حقائق صادمة، والصدمة الكبرى، هل هناك من يخطط؟ ويعرف احتياجات البلاد؟ هل هناك من يعرف كيف تواجَه الكوارث في بلادنا؟

مقالات ذات صلة