من أين يأتي السلاح؟… فارس الحباشنة

من بعد الارقام المرعبة عن اعداد السلاح المنتشرة في البلاد، والحديث عن مليون قطعة غير مرخصة «بنادق وبواريد ومسدسات واسلحة اوتوماتيكية وقنابل يدوية والانتشار الفاضح للمخدرات والتهريب بكل أنواعه وأشكاله ومستوياته، فان السؤال يقفز عن العصابة. ولنقل: لماذا يجري تكديس كل هذا السلاح، ترسانات لربما لا يكشف عنها الا عند وقوع ضبطيات تهريب ومخدرات، ومشاجرة وعنف ومواجهات مع رجال الامن.
فمن يغذي السلاح في الأردن للمواطنين فرادى وجماعات؟ الحكايات تؤكد أن لا بيت أردني يخلو من السلاح وبكميات ايضا. وما عاد السلاح كما كان في سابق زمن عنوانا لاستعمالات اجتماعية وامنية مختلفة لحماية المنازل في الاماكن البعيدة ولمن يبيتون في البرية مع الاغنام، وفي موسم الصيد، وللتباهي والتزيين الاجتماعي.
ولكن اليوم السلاح مختلف من الساس الى الرأس، كل بيت يلزمه سلاح، قالها لي ستيني يعيش في عمان. ولربما بات ارتباط وجود السلاح بدوافع اجتماعية ونفسية وامنية، عدم الشعور بالأمان. ولذا اقتضى على كل مواطن أن يحمل سلاحا.
والسؤال الابعد، لربما يرتبط بمن يغذي السوق المحلي بالسلاح؟ سوق سوداء، وتجار وكميات كبيرة، عندما تتحدث عن مليون قطعة سلاح. ونتحدث هنا عن اقتصاد سري، ومع العلم أن تجارة السلاح في الأردن ممنوعة، والاقتناء مشروط بتعليمات مشددة من وزارة الداخلية والاجهزة الأمنية.
بلا شك أن الأزمة السورية أسهمت بزيادة تجارة السلاح، أوصلتها الى الذروة. والأمر ما عاد يقتصر على مسدسات وبنادق عادية، انما اصحبنا نرى اسلحة متقدمة وحديثة تضاهي من نراه على شاشة التلفزيون محمولا على رقاب جنود وعساكر في مناطق حروب وأزمات.
تجارة السلاح تنتعش وتزدهر في الازمات والحروب والفوضى، وأكثر ما يقلق في انتشار السلاح هو السؤال عن عصابات التهريب والمخدرات والارهابية أيضا، وما تملك وما بحوزتها من سلاح. ولو عدنا بالذاكرة قليلا لحوداث الارهاب التي وقعت في الأردن فانواع الاسلحة كانت صادمة وفظيعة كمًا ونوعًا من طرازات مختلفة.
السلاح لربما لا يقارن انتشاره بالارقام، والأخطر أنه يتحول الى حاسم لا أريد القول سياسيا في مسائل وأزمات عامة. ولكنه بلا أدنى شك يعبر عن قوة ما لا مرئية تسعى الى مد نفوذها في قلب المجتمع وتنازع الدولة على سلطتها وتكسر من هيبتها.
من أين يأتي السلاح ؟ وما هي استعمالات السلاح ؟ واسئلة أخرى، خطورتها تتضاعف في ظل ما يواجه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية. ومن هنا فان السلاح بالتأكيد يكون استعماله مختلفا. ولا أريد أن ابتعد بالتحليل والوصف، الا أن صور انتشاره ترمز الى قوة تغيير مرعبة في المجتمع، وقوة تبحث عن نفوذ، وهي لا ترى بعينها أي حل الا بالسلاح.
وأخطر ما في السلاح عندما يرفع في وجه رجل أمن، وعندما يصيب رجل أمن أو موظف دولة ويقتله. ونحن أمام الانتشار الفارط للسلاح، فالدولة معنية بحسم هذا الملف الحساس والمرعب، ولابد من مواجهته بسياسات حازمة وصارمة ونافذة، توقف انتشار السلاح، وتحدُّ من أي تداعيات أمنية وسياسية خطيرة لانتشاره واستعماله.

مقالات ذات صلة