حماقات فادحة وأردنيون يفلقهم القهر

مالك عثامنة..

أطل على الأردن من نوافذ الفيسبوك وما تيسر من روابط مواقع او دكاكين صحفية يسربها لي أصدقاء في رسائل خاصة.
الحدث الأبرز، احتفال أمانة عمان بمناسبات ملكية وحضور تكريمي لنجوم مثل صفية العمري من مصر، وأنابيلا هلال من لبنان، وحليمة بولند من الكويت.
طبعا الخبر مستفز، بالنسبة لي صفية العمري ممثلة مصرية لا أكثر، وأنابيلا سيدة لبنانية تتقن إعلام الترفيه، أما حليمة بولند، فلا تصنيف لها عندي وأحاول حشرها قدر الإمكان في فئة “تسلية بلا معنى” ولا أنجح.
السؤال الأهم، ما هو الرابط بين إحتفالات ملكية تأخذ طابعا وطنيا، وبين حفل يحتفل بهؤلاء المذكورين اعلاه ومشتقاتهم الترفيهية؟
يرسل لي أحدهم فيديو لمنتج اسمه محمد المجالي، أتابعه وهو يتحدث بلغة تهديدية عقب ديباجة التهنئة للملك والمديح السلطاني الذي يعتقد كثيرون أنه الحصن الحصين ضد النقد والانتقاد، ويهدد مذيعتين مجهولتين يبدو أنهما أردنيتان، ويختصر هذا المنتج ويبدو أنه هو نفسه متعهد الحفل، كل المشكلة بقصة غيرة من المذيعتين تجاه الكائن المسمى حليمة بولند، ويوضح المجالي أن حليمة هنأت الملك بطريقة مدهشة..وهذا بالنسبة له كاف لتمرير القصة كإحتفال “وطني” مهيب!!
طيب..خلينا من المنتج وتفسيراته، الرجل تعهد حفلا، ونجح بذلك، صحتين وعافية على قلبه.
المشكلة عندي في أمين عمان، وفي الحكومة الأردنية (بمجلس وزرائها ) الذي لا يملك حدا ادنى من الرقابة على رئيس بلدية العاصمة، ولا تدري عن فعاليات تقيمها البلدية من أموال العموم، وإن كانت تدري فتلك مصيبة أكبر فداحة.
أتفهم ان ندعو صفية العمري لمهرجان مسرحي ( مع أنها ليست فنانة مسرحية موهوبة بالمطلق) أو ندوة عن الدراما على أقل تقدير، أتفهم ان تحل أنابيل هلال ضيفة على البتراء في برنامج ترويجي مثلا مشغول بعناية، أو مقدمة لبرنامج ترفيهي تنتجه محطة قادرة في الأردن، أما حليمة بولند، فلا أتفهم أي دعوة لها إلا أذا كان هناك مصلحة لشركة دهانات ان تروج لمنتجاتها فهي حائط بشري مناسب لتلك المنتجات.
أما أن يتم دعوة هؤلاء كرموز فنية وإعلامية في حفل على اسم أمانة عمان ( والأمانة بلدية لا أكثر بالمناسبة)، ولمناسبات ملكية أو وطنية..فهذا ما لا أفهم منه إلا أنه عجرفة رسمية..والأخطر مما فهمته أنه انعكاس لتشظي الدولة الأردنية وضياع بوصلتها المؤسسية.
هؤلاء ليسوا رموزا للفن ولا الإعلام..
تريدون الاحتفال؟ لا بأس..فليكن ذلك..لكن بنضج ووعي يتناسب مع الواقع، والواقع على بؤسه وشد القهر فيه لا يزال يولد رموز محلية محترمة يمكن الاحتفال بها.
تريدون التوسع عربيا؟ لا بأس، ماذا عن السيدة سعاد العبدالله من الكويت؟ ماذا عن الأسطورة اللبنانية نضال الأشقر وقد بلغت الثمانين وكان لها في الأردن تاريخ فني ذات يوم؟ ماذا عن صلاح السعدني عمدة الحلمية بدلا من زوجته الثانية؟
مع تحفظي على التوسع عربيا لكن هناك عشرات الأسماء العربية التي تليق بحفل بهذا المستوى!!
لكن حين تخضع الأمور لمنطق التعهدات والمقاولات..فتلك هي بالضبط النتيجة والمحصلة.
كم احتفالا “ملكيا” تم إحالته كعطاء من هذا النوع وانتهى ولم تحفظه الذاكرة الأردنية بعد ذلك؟
لكن في المقابل: من يمكن له أن ينسى ذلك الاحتفال المهيب بالملك الراحل الحسين، حين فكر أحدهم بذكاء واستضاف الأردن عملاق الشعر العربي محمد مهدي الجواهري ليلقي قصيدته بكل جزالته فحضر معه كل العراق؟
من يمكن ان ينسى إحتفالات التربية والتعليم حين كانت تخطط بلا تعهدات على مسرح قصر الثقافة فتغني بنات الكرك الهجيني، وصبايا السلط يحلقن برويد من التراث الجميل؟
اليوتيوب هو الحكم إن شاء الديجتاليون؟ ونسب المشاهدات فيه تفضح ميول الوجدان الأردني.
لست رجلا متعلقا بالماضي (أشكر الله أني عشته وعايشته)، لكن أتساءل فقط..عن معنى كل تلك الحماقات الفادحة والأردنيون يفلقهم القهر، ويسيرون سيرا من المحافظات معلنين جوعهم وقهرهم؟

مقالات ذات صلة