مسيرة العودة … علامة فارقة
حاتم الكسواني
لم يتكهن أكثر المتفائلين ان يتجمع هذا الحشد المهول من الفلسطينيين الحالمين بالعودة على حدود غزة المحاذية لأراضي فلسطين المحتلة .
بل أن هذا الحشد المهول مضافا إليه عشرات التظاهرات والصدامات مع قوات الإحتلال الصهيوني في مدن الوطن المحتل تدعونا للتساؤل عن الأسباب التي دفعت هؤلاء اللاجئيين الفلسطينيين لأن يحملوا مفاتيح منازلهم وأعلام بلدهم ومعهما أحلامهم بالعودة ، وأن يحملوا فوق رؤوسهم صررا رمزية مما جلبوه معهم عندما هاجروا من بلادهم ليتوجهوا نحو جدود بلادهم المحتلة ، في مواجهة عدو مدجج بالسلاح ، ومملؤ بالحقد على الإنسانية ، والإدعاء بحق لايملكه .
بالتأكيد فإن هناك عدة أسباب تقف وراء ذلك الفعل و منها :
ـ فقدان الفلسطينيين لأي بارقة أمل بحل عادل لقضيتهم وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبادىء حل الدولتين .
ـ رفع يد كثير من الدول العربية على المستوى الرسمي يدها عن القضية الفلسطينية والتوقف عن دعمها ماليا ولوجستيا ومعنويا بإدارة ظهرها للقضية والإنكفاء على شؤونها الداخلية ومراعاة ماتعتقد أنه يحقق مصالحها مع دول الحل والربط على المستوى الدولي .
ـ شعور الفلسطينين بانهم وحدهم في ساحة المواجهة مع عدوهم المحتل ومجموعة دول العالم المصطفة معه ، وأنه ليس أمامهم أي خيار ، سوى الإنتصار لقضيتهم أو خسارتها إلى الأبد .
ـ ضلوع كثير من الدول العربية بالتنسيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل بإنهاء القضة الفلسطينية بحل ينتقص ادنى الحقوق الفلسطينية المقبولة ويصب في مصلحة إسرائيل وتصوراتها للحل النهائي .
ـ عجز جامعة الدول العربية عن مساندة الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته ، فلا مؤسسة قمتها ، ولا منظماتها ، قدمت للفلسطينيين أي قرار سياسي او إقتصادي أو إجتماعي يعود عليهم وعلى قضيتهم بأي أثر إيجابي على مستوى الساحتين العربية والدولية .
ـ إغماض العالمين العربي والدولي أعينهم عن كل صور العسف التي تمارسها دولة الإحتلال بحق الفلسطينيين ، بدءا بقتلهم بلا هواده في حربها المتكررة عليهم في غزة وفي كل المواجهات معهم في الضفة الغربية والوطن الحتل 48 ، ناهيك عن الإعتقالات ، وأحكام الحبس الجائرة ، وهدم المنازل ، وبناء جدران الفصل العنصري ، والحواجز ، وتضييق فرص العمل ، وحرية الحركة والنشاط الإقتصادي ، والحؤول دون وصولهم لمزارعهم ومصادر رزقهم .
ـ تنكر الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب ، وإدارته المتصهينة ، لكل إلتزاماتها السابقة ، بالوساطة العادلة الأمينة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإتخاذها جملة قرارات ضاغطة على الشعب الفلسطيني وقياداته ، لإجبارهما للإنصياع لمنطق الإسرائيليين بحل تصفوي للقضية الفلسطينية .
وبعد فإن الخروج لإحتمال الموت بالشهادة أعزلا في مواجهة عدو مبني نفسيا على الحقد والقتل بلا قواعد ومعايير إنسانية ، فعل لا يقوم به إلا متعلق بالأمل مصمم على تحقيق حلمه ، مهما غلت التضحيات .
لا يقوم به إلا بطل يسير دوما إلى لأمام نحو النصر أو الشهاده .
وتبقى مسيرة العودة الكبرى علامة فارقة في مسيرة النضال الفلسطيني تؤكد بان حق العودة حق لا نقاش فيه مع الفلسطينيين ، وليس بعدها إلا العودة مهما طال الزمان .