مرض الأكتئاب سبب كثرة حالات الإنتحار في الأردن

تتعدد الطرق والسبب یكاد یكون واحدا، ذلك ما یظھر جلیاً في قراءة وتحلیل حالات الانتحار التي تحدث في الأردن مؤخراً،
سواء كانت شنقا أو تناول أدویة بكمیات مھولة أو حتى رمیاً ذاتیاً بالرصاص.
فمع اختلاف طرق الانتحار وإن اتفقت على أنھا عادة ما تكون سھلة وسریعة التنفیذ، إلا أن السبب یندرج تحت عنوان واحد اسمه مرض الاكتئاب، وذلك ما یؤكده الدكتور النفسي أشرف الصالحي.
ومن خلال رصد تبین أن عدد حالات الانتحار منذ بدایة العام الحالي أي ما لا یزید على شھر ونصف وصلت إلى حالتین،
وحالة محاولة انتحار، وحالة حدثت الیوم ما یزال یشوبھا الغموض عما إذا كانت حالة انتحار أم شبھة.
فقبل أكثر من أسبوع أقدم نزیل في أحد مراكز إلاصلاح والتأھیل، على الانتحار شنقاً داخل غرفتھ مستخدما قطعة من ملابسھ.
وفي لواء بني كنانة أقدمت فتاة تبلغ من العمر 14 عاما على الانتحار بلف ”شال“ حول رقبتھا داخل منزلھا.
وصباح الیوم عثرت الأجھزة الأمنیة على جثة شاب عشریني داخل إحدى المزارع في منطقة غور الصافي، یشتبھ بإقدامھ على
الانتحار، حیث قامت الأجھزة الأمنیة بالكشف على الجثة وتحویلھا إلى الطب الشرعي وفتحت تحقیقا للوقوف على أسباب الوفاة.
كما تمكنت الأجھزة الأمنیة صباح الیوم أیضا، من إقناع شخص بالنزول عن مئذنة مسجد بمنطقة الھاشمیة في الزرقاء بعد أن ھدد بالانتحار.
وعودة إلى الاكتئاب وھو ما یصر الدكتور الصالحي على أنھ العامل المشترك الذي یتفق علیھ من أقدموا على الانتحار في المملكة
سواء منذ بدایة العام الحالي أو في الأعوام القلیلة الماضیة، ھو مرض ناجم عن أمراض نفسیة متعددة ولا شك أنھ یجتاح نفوس أردنیین مع الإشارة أیضا إلى أن الفئة الغالبة علیھم ھم فئة الشباب وھو ما یظھر أیضا على حالات الانتحار التي
حدثت مؤخرا في الأردن، حیث تبین أن أغلبیتھم من الفئة العمریة الشبابیة.
ویشیر الصالحي إلى أن حدوث حالات انتحار في الأردن وإن لم تصل إلى حد الظاھرة لكنھا مؤشر لیس بسھل ویستوجب التوقف
عنده، لا سیما أنھ یكشف عن غیاب وعي لأھمیة العلاج النفسي ومدى ضرورتھ بمستوى لا یقل عن مستوى أمراض العضال
الحساسة، لافتا في الوقت ذاتھ إلى أن الدراسات العلمیة الأخیرة كشفت أن مرض الاكتئاب شكل من أشكال أمراض العضال
والتراخي في معالجتھ لھ عواقب لا تحمد علیھ.
وأضاف وفي سیاق حدیثھ عن غیاب الوعي المجتمعي في الأردن عن أھمیة علاج الأمراض النفسیة ومنھا الاكتئاب إلى أن ذلك یضاف إلیھ أیضا ”ثقافة العیب المجتمعي“ في اعتراف الشخص بأنھ مصاب بالاكتئاب، ما یحول دونھ ودون اقدامھ على العلاج، مستشھدا بعبارة یتم تداولھا ولو على سبیل المزاح ”أنت مریض نفسي یا زلمة“.
وقال الصالحي إن ھذه العبارة والتي تستخدم كثیرا بحد ذاتھا تشكل عقبة أساسیة تعرقل تحفیز المصاب بأمراض نفسیة من اللجوء إلى العلاج، مستشھدا أیضا بحالات یسمعھا على الصعید العملي عندما یستھجن صیدلاني صرف دواء لمرض نفسي لشاب وما یتبعھا من عبارة استنكاریة: ”لساتك صغیر على ھذه الأدویة“، منوھا إلى أن الأمراض النفسیة وأھمھا الاكتئاب تصاب بھا الفئة العمریة الشبابیة بنسبة 90 %وقلما ما تصاب بھا الفئات العمریة لكبار السن.
وعن أسباب الاكتئاب المصاب بھا نسبة كبیرة من الشباب الأردنیین وتلك التي ھي سبب رئیسي للانتحار، أفاد الصالحي أن ھناك سببان الأول سبب داخلي وھو مرض یدخل في كیمیاء الجسم مثلھ مثل مرض السكري والضغط وغیره من الأمراض العضویة.
والسبب الثاني خارجي وھي العوامل التي تزید من الضغط النفسي للمصاب وغالبا ما تكون أسبابھا مادیة أو انكسارات وصدمات بسبب تراكمات مثل تراكمات الشعور بالخذلان وخیبات الأمل.
وعن محاولات الانتحار التي تحدث في الأردن مؤخراً وعما إذا كانت غایاتھا إنھاء الحیاة فعلا أم لا، أجاب الصالحي: ”ھدف
محاولات الانتحار ھو إیصال رسالة للفت الانتباه ولیس إنھاء الحیاة“، ومنوھا في الوقت ذاتھ إلى عدم الانتقاص من خطورة
محاولات الانتحار وإن لم تكن غایاتھا إنھاء الحیاة لكنھا في المقابل تشي بوجود أزمة نفسیة حقیقیة لمن یقبل على محاولة الانتحار.
ورداً على سؤال عما إذا كانت أسعار كشفیات الأطباء النفسیین ترھق جیوب من ھم مصابون بأمراض نفسیة وتعدلھم عن
العلاج، رد الدكتور الصالحي أن جمیع الأردنیین مؤمنون صحیاً وكافة المراكز الصحیة التابعة لوزارة الصحة فیھا عیادات نفسیة
التي تقدم خدمات وعلاجات مجانیة.
وفي إحصائیة للعام 2018 سجلت في الأردن 80 حالة انتحار خلال النصف الأول من العام ذاته.

– الغد

مقالات ذات صلة