أنت كافر..؟!.. حسين الرواشدة

اخطر كلمة يمكن للمسلم ان يسمعها هي ان يقال له: انت كافر، ومن اسف ان هذه الكلمة – ان شئت الفتوى – اصبحت سهلة على الألسنة، ولا يتورع البعض من اطلاقها بمناسبة او في غير مناسبة.

لظاهرة التكفير – بالطبع – سياقها التاريخي الذي انطلقت منه، ولها – ايضا – اسبابها ودوافعها، فهي التصقت بالخوارج الذين كان لهم موقفهم بعد مقتل الخليفة عثمان رضي اللّه عنه، وتجددت في أكثر من عصر من عصورنا الاسلامية، تبعا للاصابات التي طرأت على العقل المسلم وأفقدته عافيته، لكنها – اليوم – تبدو اخطر بكثير مما كانت عليه، فهي البوابة الاوسع لسفك الدماء واثارة الفتن وزلزلة المجتمعات وتقويض امنها..
لا اريد ان انبش تاريخا من صراعات الفتاوى وضحاياها، ولا ان اتساءل عمن قتل ثلاثة من الخلفاء ولماذا؟ولكنني اتمنى على الحريصين على دينهم واوطانهم ان لا يضعوا رؤوسهم في رمال التغطية وكثبان التبرير وان يمتلكوا الشجاعة للاعتراف بان لدينا «فقها» للتكفير، وهو موجود سواء قيل انه خرج من السجون او من غيرها، وبان لدينا شبابا اخذهم الجهل او الحماس الى شفا جرف هار، وبان بعض الذين يتم الترخيص لهم للعمل في المجال الاجتماعي او الثقافي،في المربع الاسلامي تحديدا، ليسوا بعيدين عن ثقافة التكفير.
لنعترف ان ثمة جذورا عميقة للتكفير في ثقافتنا وبان كثيرا من المحسوبين على العمل الاسلامي وحركاته ودعواته لا يترددون في تكفير بعضهم بعضا، وهم ان لم يفعلوها جهرا فعلوها سرا، وان لم يشهروها في ادبياتهم اكمنوها في جلساتهم وتعاملاتهم فيما بينهم، ولا اتحدث هنا عن اتباع بعض المذاهب والفرق وتراثياتهم ولكن عن حركات ودعوات نعرفها،وعن احكام تصدر بالطرد تارة لخلاف فقهي او سياسي، او بالتشويه – ان لم نقل التكفير – لمجرد التنافس على مصلحة او السباق نحو غاية!!
ومن اسف ان بعض هؤلاء لا يرون مانعا في الاعتدال السياسي ما دام ان اللعبة السياسة تستوجب ذلك، اما حين يتعلق الاعتدال بالجانب الديني، ومع اخوانهم من العاملين في الحقل الاسلامي فان دعاوى التكفير ومقولاته تطغى على كل اعتدال، وكأن الطريق الى الجنة لا يكون سالكا الا باغتيال الاخوة في الدين وتشويه سمعتهم وتهشيم صورتهم وطردهم من ‹›››››››ضيعة›››››››› الاسلام التي تصوروا انها مطوبة باسمائهم فقط.
اذا اعترفنا بذلك، وهو اضعف الايمان، فان من واجبنا ان نبدأ بتحرير انفسنا من هذا الوباء، وان لا نتردد في اطلاق ثقافة السماحة والعفو والاحسان وحسن الاختلاف التي يدعونا اليها الاسلام الحنيف، وان لا ننساق خلف دعاوى التكفير السياسي كمبرر للتكفير الديني او خلف تراث لا يخلو من تنابذ الفرق وتصارعها لتسويغ فكر جديد للخوارج، او تزيين ثقافة للثأر والانتقام، دخلت علينا من ضفاف التاريخ وظروفه ولم يعد لوجودها او استمرارها- بعد ان طوي هذا التاريخ بكل فضائله واخطائه – أي مبرر على الاطلاق.

مقالات ذات صلة