صناعيا معاملة سوريا بالمثل .. أحرام على بلابله الدوح ؟! حاتم الكسواني

في السادس من حزیران عام 1962 وقعت مجموعة من الدول العربية إتفاقية الوحدة الإقتصادية العربية بعد إقرارھا من قبل الأقطار العربیــــــة , وأصبحت نافذة المفعول اعتباراً من 23نیسان من عام 1964.
وقد نصت مادتھا الأولى على حریة انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال وحریة تبادل السلع والمنتجات الوطنیة , وحریة الإقامة والعمل والاستخدام , وممارسة كافة أوجه النشاط الاقتصادي للمواطنین العرب في الأقطار العربیة , وحریة النقل والترانزیت واستعمال وسائل النقل والمرافئ والمطارات المدنیة , وحقوق التملك والایصاء والإرث .
ھذا , وقد عقد مجلس الوحدة الاقتصادیة العربیة , منذ بدایة أعماله وحتى شھر حزیران من عام ( 1980 ) ,35 دورة اصدر خلالھا 805 قراراً تنص كلھا على كیفیة اتخاذ أفضل الصیغ المناسبة لتحقیق العمل العربي المشترك , ودفعه نحو تجسید الوحدة الاقتصادیة العربیة . ھذا , بالإضافة إلى تحریر التبادل التجاري من كافة القیود الإداریة والنقدیة وإعفائه من الرسوم الجمركیة بصورة تامة , اعتباراً من بدایة عام 1971 .
ولقد بذل مجلس الوحدة الاقتصادیة العربیة جھودا كبیرة لتحقیق أھداف اتفاقیة الوحدة الاقتصادیة العربیة , فوضع مجموعة من المشروعات العربیة المشتركة في میادین استثمار الثروات المعدنیة والزراعیة والصناعیة , إضافة إلى إقامة مجموعة من الاتحادات العاملة في المجالات الاقتصادیة المختلفة ونصت الإتفافیة على إلغاء جمیع أشكال التمییز والحواجز فیما یتعلق بحركة البضائع داخل نطاق السوق الجدیدة الواسعة والمتوحدة .

ھذا إضافة إلى توحید التعریفات الجمركیة للأعضاء تجاه العالم الخارجي , مما یساعد على إقامة جدار جمركي حول أقطار الوحدة الاقتصادیة . وكذلك نصت الاتفاقیة على زوال القیود المفروضة على انتقال عوامل الإنتاج بین الأقطار الأعضاء وتنسیق السیاسات الاقتصادیة والنقدیة والمالیة والاجتماعیة….وقد انیطت السلطة العلیا في إدارة ھذه المنظمة بمجلس الوحدة الاقتصادیة المكون من ممثلین دائمیین للأقطار الأعضاء . ویتمتع ھذا المجلس بسلطة اتخاذ القرارات الملزمة للأعضاء بعد إصدارھا .
إن الأقطار التي دخلت في عضویة ھذه الاتفاقیة (حتى عام 1980 ثلاثة عشر قطراً عربیاً ھي:العراق , سوریة , الأردن , لیبیا , السودان , الصومال, موریتانیا , الجمھوریة العربیة الیمنیة , جمھوریة الیمن الدیمقراطیة , الكویت , دولة الإمارات العربیة المتحدة , منظمة التحریر الفلسطینیة وجمھوریة مصر العربیة .

على هذه الأسس تم رسم أشكال التعامل بين أقطار الوطن العربي ، لكن الأحداث التي شهدتها الأقطار العربية عسفت ببنود هذه الإتفاقية وأحالتها حبرا على ورق فغنى كل قطر عربي إقتصاديا على ليلاه .

وقد كان الأردن على الدوام مخلصا لروح هذه الإتفاقية في تعامله مع كل الأقطار العربية وأستحضرها في تعاملاته الإقتصادية معها ، إلا أنه وبكل أمانة واجه صعوبة في تنفيذ بنود معظم إتفاقيات التعاون الإقتصادية مع أقطار الوطن العربي الشقيقة التي كانت عند تطبيق أية إتفاقية معها تضع العراقيل أمام إنسياب الصناعات الوطنية الأردنية إليها تارة بطلب تقديم وثائق مصدقة تشمل شهادة بالكيان القانوني للمصنع والتراخيص الصادرة له وبيان بالأصناف التي ينتجها وعلاماتها التجارية، وإضافة العلامة التجارية الخاصة بالمنتج والعلامة التجارية التي يتم إنتاجها بموجب ترخيص من الجهة المالكة لها، وكذلك تقديم شهادة مصدقة بأن المصنع مطبق به نظام للرقابة على الجودة صادر من جهة معترف بها من الاتحاد الدولي للاعتماد (ILAC)، أو المنتدى الدولي للاعتماد (LAF) أو من جهة حكومية  وتارة بفرض رسوم جمركية على مجموعة من السلع خارج اطار اتفاقية التجارة العربية الكبرى،  وتارة بعدم تفعيل مجالس الأعمال وإتفاقيات التعاون التجاري الموقعة بين  الأردن وبعض الدول العربية أو بإضدار قوائم سلع سلبية تمنع دخول العديد من السلع الأردنية إليها .

وضمن هذه الأطر برزت إشكالية عدم إمكانية دخول عدد من السلع الأردنية إلى سوريا بسبب المعيقات والاجراءات التي فرضها الجانب السوري على الصادرات الأردنية واشتراطه حصول المستورد السوري على رخصة استيراد تسمح باستيراد المنتجات الأردنية بكميات وأصناف محددة، إضافة إلى وجود قائمة سلع واسعة يمنع دخولها بداعي حماية الانتاج الوطني السوري مما دعا غرفتا صناعة عمان والأردن الطلب من وزارة الصناعة الأردنية اللجوء إلى مبدء التعامل بالمثل .

وفي هذا السياق أكد المهندس فتحي الجغبير بأن هذا القرار هو قرار إقتصادي وطني أردني يصب في مصلحة القطاع الصناعي الأردني المشغل الأكبر للقوى العاملة موضحا بأنه لا يجوز في بلدنا أن نعمل لمصلحة فائدة قطاع على حساب آخر ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمن الإقتصادي الوطني الذي تشكل الصناعة أهم ركائزه .

وبلغة الأرقام فإننا نجد كما أوضح المهندس الجغبير بأنه :

“منذ بداية الأحداث في سوريا العام 2011 وحتى العام الماضي 2018 تراجعت الصادرات الأردنية الى السوق السورية أو من خلال عبورها بما يزيد على 150 مليون دينار، كما انخفضت الأهمية النسبية للسوق السورية من اجمالي الصادرات الوطنية من 8ر3 بالمئة العام 2011 لتصل الى 7ر0 بالمئة العام الماضي” .

و أن صادرات المملكة الصناعية الى السوق السورية تراجعت الى 19 مليون دينار خلال الربع الاول من العام الحالي مقارنة مع 61 مليون دينار لنفس الفترة من العام الماضي 2018 ، و أن الصادرات الأردنية الى سوريا تراجعت بنسبة 70 بالمئة خلال الربع الأول من العام الحالي، رغم عودة الحياة للحدود البرية .

وعليه فأنه يحق لنا أيضا حماية مصالحنا الإقتصادية الوطنية كما تقوم الدول الشقيقة والصديقة بحماية مصالحها أم أنه لابد أن ينطبق علينا  في التعامل مع الحالة السورية الأردنية وغيرها من الدول الشقيقة العربية  قول الشاعر أحمد شوقي

أحرام على بلابه الدوح حلال للطير من كل جنس   ؟!

 

مقالات ذات صلة