رسالة مكتوبة بالأقدام.. احمد حسن الزعبي

قبل أسبوعين خرج أكاديمي وعائلته من الطفيلة إلى عمان سيراً على الأقدام ليطالب بحقه في التوظيف وقد أوجعني مشهد الأطفال وهم يمضون مع أبيهم وربّ أسرتهم في هذه الظروف الجوية الصعبة، بملابس شتوية ثقيلة ، وبأحلام أكثر ثقلاً فقط ليقولوا “أنصفونا”..
هذه البادرة أزالت الغشاوة عن تردّد الكثيرين من أبناء هذا الوطن للقيام بقعل مشابه، فكانت الرياح جنوبية في هبوبها الأول حيث تشّجع شباب العقبة وانطلقت قبل عشرة أيام مسيرة من العاطلين عن العمل بدأت بستين شاباًَ إلى أن وصلت حوالي المئتين شاب من مختلف مناطق الجنوب، من اربد انطلقت مسيرة أخرى أمس الأربعاء ، وذيبان تنتظر شباب العقبة والطفيلة والكرك لتلتحق بهم ،والمفرق تتململ وجرش تراهن على منتصف الطريق..والحكومة غارقة في العجز و “مربوط لسانها” لا تستطيع أن ترفع عينها بكل الزاحفين من مناطق المملكة يبحثون عن حقّهم في العمل، فقد نفد رصيد الوعود، وتعفّنت حكايا النهضة بعد أن أصابها بلل الواقع وعتمة الطريق..

**
قبل شهور كتبنا عشرات المقالات تحذر من مآلات الوضع ،واللعب بعدّاد صبر الناس ،وقلنا أن زيادة الضغط سيؤدي إلى الانفجار لا محالة وفي ألطف الاحتمالات النزول إلى الشارع ،وكوفئنا وقتها باتهامات التحريض والإيقاف عن الكتابة ثلاثة شهور تامّات ..بدلاً من التقاط الإشارة والعمل عليها..
الآن أشكال الاحتجاج أصبحت تأخذ وجوهاً جديدة لم تكن تستخدم من ذي قبل ، احتجاج الرابع مستمر منذ خمسة عشر أسبوعاً..والمسيرات تخرج من كل فجّ عميق وهذه ليست النهاية ،بل البداية ،وهذا تنبيه من جديد لأصحاب القرار..المواطن لم يعد يكتب رسائل مفتوحة بالحبر والورق، صار يكتبها بالأقدام ..ورسائل الأقدام لا تُمحى ،وقد يكتبها بطرق أخرى أن تم تجاهله أو التعاطي مع مطالبه باستخفاف وبرود..
الشباب لا يطلبون المستحيل، هم يطلبون حقّهم في العمل ، والعمل لا يعني وظائف حكومية ،وإنما التشغيل..والتشغيل يعني التخفيف على القطاع الخاص حتى يستمر ، و جلب استثمارات جديدة تشغّل هذه القوى الكامنة..وجلب الاستثمارات قصة أخرى عنوانها الفشل…لذا المشهد يتعقد وكرة الثلج تكبر..والرسائل ما زالت تكتب على صفحات الأرض ، بالأقدام والأنفاس الحارة..
فهل من لبيب؟!!

مقالات ذات صلة