سؤال جدوى الحرب

سائد كراجة

حرير- أميركا لم تُهزم في فيتنام بضعفها، بل بمقاومة الفيتناميين، وكذلك الحال مع هتلر ومع نظام الفصل العنصري. الشعوب التي قاومت المحتل غالبا ما كانت الأضعف عسكريا والأكثر تضحية. فلو كان التفوق العسكري هو معيار مشروعية المقاومة، فلن يقاوم أحد، وسيكون هذا المنطق تمجيدا للاستعمار وللاعتداء على حقوق الشعوب.

اتخذت حماس قرار الحرب دون استشارة أحد، وتتحمل كامل المسؤولية أمام أهل غزة، الذين سيقيمون قرارها لاحقا..

أما السؤال عن جدوى الحرب الآن، فإنه يهدف للتستر على ضعف العرب والمسلمين وتقاعسهم عن إنقاذ الشعب الفلسطيني، كما يسهم في إضعاف المقاومة والضغط على حماس للاستسلام، مما يخدم إسرائيل التي تستغل الصمت العربي والإسلامي للإمعان في القتل والتنكيل بالمدنيين الفلسطينيين، فمن يسكت عن حرب إبادة، شرسة وعنصرية وثأرية لا يمكنه النواح على الضحايا. صمته عن العدوان النازي الذي يمارسه نتنياهو يوميا، يعادل فتك أسلحة الدمار الشامل التي تستعملها إسرائيل وأميركا، خصوصا بعد إعلان الأخيرة موافقتها على إبادة الفلسطينيين في رفح ولكن بخطة!!

أعلن نتنياهو إلغاء أوسلو فعليا، كما أعلن عدم موافقته على إقامة دولة فلسطينية، وعارض مؤخرا بقرار من مجلس الحرب أي اعتراف دولي بدولة فلسطين، إذا ما تبقى لكم!؟

‎يُطالب الفلسطيني بالموت تهجيراً أو جوعاً أو مهانة. فلم تؤثر صور موت الأطفال وترويعهم وظروف الناس المهينة في الأمة العربية والإسلامية المرتهنة بأنظمتها للمعتدي على نحو مباشر أو غير مباشر، ولكن كم يا ترى يلزم من دماء أطفال غزة لتثور حمية العرب والمسلمين؟ او لتستيقظ إنسانيتهم! لا نطالب أحدا بأن يحارب، ولا نطالب بموقف سياسي حازم، فهذا أكثر من همتهم الا أننا نطالب فقط بالحد الأدنى الإنساني وهو إدخال المساعدات، امنحوا الفلسطيني فرصة ليموت بكرامة مع قليل من الحليب لأطفاله.

الحرب في شهرها الخامس، ولكي تهربوا من حساباتكم السياسة وارتباطاتكم الدولية، اعتبروا أن زلزالا قد ضرب غزة أو حتى اعتبروه طوفانا أغرقها، لماذا لا تدخل مساعدات من البر والجو والبحر، شاحنات وسفن وطائرات. حاصِروا دولة الاحتلال بموقف عالمي شعبي شامل بالإغاثة الإنسانية، يا أخي اكسبوا الشعب الذي تركتوه مع حماس عشرين عاما، بدلا من أن تلوموه لانه يؤيد حماس لمحاولتها تخليصه من الحصار الصهيوني الذي دام عقودا!

موقف الأطراف من حماس معروف، وليس بالضرورة أننا نتفق معها في المنهج والرؤيا، ولكن التضحية بالشعب الفلسطيني في غزة معاقبة لحماس ومواقفها وهو ذات الفعل الذي يقوم به نتنياهو بمعاقبة المدنيين في حربه ضد حماس! الساكتون عن استمرار الحرب في غزة والذين أخفقوا حتى في تقديم مساعدات إنسانية، يقفون في صف واحد مع نتنياهو، وهم مشاركون فعليون في الحرب. واضحة جنابك واضحة!

مقالات ذات صلة