السيسي يخشى تجدد الثورة: انصراف الموالين وأزمات معيشية

“علاج خاطئ لتشخيص خاطئ”، و”تحرك غير مدروس”، هكذا يصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثورة المصريين في 25 يناير/ كانون الثاني 2011. فهو بعبّر عن معاداته للثورة في خطاباته الرسمية المختلفة، بدون أي خشية، متناسياً أنه لولا هذه الثورة لما كان الآن في موقعه، وأقصى طموح له كان سيتمثّل بأن يحظى بمنصب محافظ في إحدى المدن الحدودية، عقب انتهاء خدمته كمدير للاستخبارات الحربية.
وقد أبدى السيسي تخوّفه من الثورة حين قال “التغيير بالقوة يفتح أبواب الجحيم”، وذلك على هامش فعاليات منتدى “شباب العالم” في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في مدينة شرم الشيخ. وقد أتى هذا التخوّف في ظلّ مؤشرات على حراك شعبي مرتقب، على وقع شروع النظام في تمرير تعديلات دستورية تستهدف تمديد رئاسة السيسي للبلاد، إلى جانب حزمة من إجراءات “الإصلاح الاقتصادي”، تشمل زيادة أسعار الوقود والكهرباء والغاز والمياه.

وفي السياق، كشف مصدر برلماني بارز في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ هناك تخوّفات لدى إدارة السيسي من نزول المصريين مجدداً إلى الشارع، رفضاً للسياسات الحالية للنظام، وزيادات الأسعار المنتظرة في يونيو/ حزيران المقبل، مشيراً إلى وجود تحدّ أمام النظام يتمثّل في أعداد المصوتين على استفتاء تعديل الدستور المرجح في النصف الثاني من العام الحالي، لما يمثله ذلك من دلالة بالنسبة لشرعية استمرار حكم السيسي.
وأفاد المصدر بأنّ “رئاسيات 2018 كشفت حالة الإحباط التي يعاني منها المصريون، وانصراف قطاع عريض من الموالين عن دعم النظام بسبب الأزمات المعيشية، وهو ما يُنذر بإمكانية عودة الجماهير إلى الميادين من جديد، ويُلقي بتبعاته على استفتاء الدستور”، موضحاً أنّ السيسي “يحتاج إلى تصويت 20 مليون شخص وأكثر لتدعيم أركان حكمه، لأن مشاركة عدد أقل من أولئك الذين صوتوا على دستور 2014 تعني المساس بشرعيته”.
ولا يخلو خطاب للسيسي تقريباً من الحديث عن أو “التلميح” إلى ثورة 25 يناير ومهاجمتها، باعتبار أنها لا تزال تُثير مخاوفه، وتجعله هو ونظامه في حالة استنفار دائمة تحسباً لأي تحرك على الأرض، وهو ما يظهر بوضوح في تحذيرات الرئيس المصري من تكرار تبعات الثورة “الكارثية” على معدلات الاقتصاد وحالة الاستقرار في البلاد، مع ما يرافق هذه التحذيرات من موجة اعتقالات تطاول المعارضين والناشطين ولا سيما قبيل الأحداث الهامة.
وقال السيسي، في فعاليات منتدى “شباب العالم” الأخير بشرم الشيخ، إنّ “الشعوب الساعية إلى التغيير بسبب أنّ الحكام غير جيدين، لا تدرك الفراغ الذي سينتجه ويملأه الأشرار”، محذراً المصريين من “الشعارات المعسولة التي ستفضي بهم إلى الضياع، وتحمل القسوة والمعاناة”، بدعوى أنّ التحرّك غير المدروس يفتح أبواب الجحيم على البلاد، ويدخلها في حالة من “الانتحار القومي”، على حدّ تعبيره.
وتظهر البيانات الرسمية ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وقفزات غير مسبوقة في الأسعار، في الوقت الذي أقدم فيه نظام السيسي على إلغاء الدعم وتعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف) أمام العملات الأجنبية.

وخرجت أطعمة عدة من قائمة ما يعرف بالأكلات الشعبية بعد أن طاولها الغلاء، فلم يعد طبق الفول الذي طالما كان الغذاء الأساسي لعشرات الملايين لعقود في متناول كثيرين الآن.
وتتكتم الحكومة بشأن إعلان نسبة الفقر الجديدة، على الرغم من مرور ثلاث سنوات على آخر إحصاء في 2015 والذي بلغ آنذاك 27.8% من إجمالي السكان، ما يعني وجود نحو 30 مليون فقير.

ورغم عدم صدور بيان رسمي من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول نسبة الفقر، فإن وزير التنمية المحلية السابق، هشام الشريف، في تصريحات صحافية في فبراير/ شباط 2017، قال إن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الشديد تجاوزت حاجز الـ 40%، وعزا ذلك إلى تعويم الجنيه في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016.

مقالات ذات صلة