اسف يا حمار !.. صالح عبدالكريم عربيات

لغاية الان لم اصدق اننا في الأردن ورغم كل ما نشهده من تقدم وسعادة وهناء ورفاه ، وتوفر الأراضي والمساحات الخضراء ، والشعير الذي لازالت تدعمه الحكومة ، ووجود العديد من المنظمات المعنية بحماية الحيوان ان البلد ما فيها غير ألف حمار !
وذلك حسب التقرير المنشورللزميل عبدالله الربيحات في الغد وكاننا جميعا لانريد ان نصدق أن هذا هو الرقم الحقيقي للحمير !
تشكيكي جاء لأ نني شخصيا في ساعة ربما انادي على احد أبنائي باكثر من ألف مرة يا حمار ، فأنا سريع الأنفعال مع اطفالي وقد تعلمنا للأسف ان نصفهم بالحمير ، وفي زمن غياب البطولات والأنجازات لم أذكر أن استعملت وصف أسد أو نمر أو ضبع او حتى عنكبوت في وصف مايدور من حولي ربما منذ انتهاء ولاية بوش الأب !
اشعر حقيقة بالندم الشديد على استعمال وصف هذا الحيوان الاليف بشكل يومي ولا بد من الاعتذار منه .. فحين اسلك احدى الطرق الميسرة والمختصرة وعديمة الخطورة سرعان ما يقول لي من يرافقني : ترى هذه الطريق كانت تسلكها الحمير ومن ثم زفتوها … فاذا نحن أمام عقل يفكر ويتدبر ويخطط حتى يصل بأسهل الطرق الى مبتغاه بكل يسر وسهولة وحقيقة لا يوجد طريق خططها الحمار وكانت نهايتها الهاوية .. بينما قارن بينه وبين ما خطط بعض البشر وكيف سلكوا بنا طرقا ادت بنا الى الحروب والويلات والمخيمات والفقر والجوع فالف تحية للحمار على عقله والف ندم على من جاء ليخطط لنا من بعده !
نعم يستحق الأعتذار ، فيقال انه قديما كانت حركة اذان الحمار تعطي مؤشرات دقيقة جدا لحالة الطقس المرتقبة او قدوم كوارث محتملة .. وما يؤكد ذلك هو أننا لم نسمع عن موت جماعي لحمير في زلزال او حتى اعصار ، ولم نسمع عن حمار مات من البرد او حتى عانى من ضربة شمس .. وهذا ما يدل حقيقة على دقة
الاستشعار لديه ، اين اذان البشر التي استشعرت منذ زمن وحدة الدول العربية من المحيط الى البحر واليوم يخلف اذا وحدنا حارة عربية من منزل ابي محمود الى دكان ابي بدر ، اين اذان البشر التي استشعرت الرفاه والتقدم لشعوبها واليوم هم على قوائم النازحين واللاجئين او صناديق المعونة والزكاة ، اين اذان البشر التي تملك الامكانات المادية والتكنولوجيا الحديثة والسلطات ولم تعد تنجي شعوبها حتى من منخفض شتوي !
يا لتواضع هذا الحيوان وصبره ، فقد كان ينقل كل يوم مونة اجدانا وامتعتهم ويقود حلالهم ولم يطالبهم يوما ببدل شعير أو منصب كبير الحمير … بينما بشر نقلوا دولهم من واحات امن الى واحات دم ولازالوا يطالبون بمزيد من السلطات ، بشر نقلوا دولهم من حالة الاكتفاء الذاتي الى استيراد حتى نكاشة البابور الصيني ومع ذلك لازالوا يطالبون بالمناصب والسيارات وتعيين الأحفاد ، بشر نقلونا من مصدرين ومزارعين وصناعيين ومخترعين ومفكرين الى عاطلين وحشاشين ومديونين ومسجونين ومع ذلك لازالوا يطالبوننا بانتخابهم !
نعم لن أستعمل وصف الحمار بعد اليوم واعتذر.. واتمنى فعلا ان تبادر مراكز البحوث لحفظ أجنة هذا الحيوان حتى لا ينقرض .. فلم يعد هناك لا عباقرة ولا مفكرين ولا مخططين ولا سياسيين ولا اقتصاديين يستحقون حفظ أجنتهم في عالمنا غيره فيكفي أن طريقه سالكة الى اليوم !

مقالات ذات صلة