أمة منكوبة.!!.. رشيد حسن

من تابع وشاهد، افتتاح وقائع القمة الاقتصادية العربية ببيروت الاحد الماضي، العشرين من الجاري، وما سبق ورافق وتلا هذا الافتتاح يصاب بغصة كبيرة..

فكافة المظاهر والوقائع التي نقلتها الفضائيات، تؤكد أننا أمام أمة منكوبة.. أمام أمة منقسمة على نفسها،..أمة استبدت بها الخلافات والانقسامات، كما يستبد المرض الخطير بالمريض، فلا شفاء يرجى.. وقد أصبح بأسها ببينها شديد..
ونسأل ونتساءل كما يتساءل المواطن العربي الغلبان سواء أكان في اقاصي مشارق الوطن العربي أوفي مغاربه؟؟
ما هو سبب هذه الخلافات التي كسرت ظهر هذا الوطن من الماء الى الماء وجعلته مستباحا ؟
ولمصلحة من هذا الذي جرى ويجري؟
وأين هم حكماء الامة القادرين على قول كلمة الحق التي تجمع الامة، وتوحد صفوفها، وتعود بها الى مربع الوحدة والالفة.. كما حدث في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؟؟
المفكر العربي محمد الجابري رحمه الله تعرض سابقا الى الواقع العربي في تسعينيات القرن الماضي، فأشار –وبكل أسف- الى ان واقع الأمة في اوائل القرن العشرين أفضل كثيرا من واقعها اليوم، وهي على مشارف القرن الحادي والعشرين..فالعربي كان بركب القطار من طنجة الى المدينة المنورة أو الى القدس أو الى السويس.. لا يسأله احد..فلا حدود ولا سدود ، ويستطيع ان يقيم في أي قطر. في بغداد، مكة المكرمة، تونس، دمشق،حيفا، يافا، الرباط. القاهرة..الخ، حرا طليقا. لا يسأله أحد.. رغم أن اغلبية هذه الاقطار كانت تئن من حكم الاستعمار البغيض، أو من حكم الدولة العثمانية…الا انها جميعها لم تشهد اقتطاع، أو سلب أي جزء منها لاعداء الامة وفي مقدمتهم الصهاينة، او للطامعين من دول الجوار..!
اليوم..يضيف المفكر العربي الجابري : تعلو اسوار القطرية وتعلو، حتى سدت الافق، وها هي تكاد تقطع شرايين الاخوة العربية ، وتفيم السدود بين الاشقاء، وقد ثبت ان هذه القطرية لم تحم وطنا واحدا، وكانت كارثة احتلال بغداد الرشيد على يد العدو الاميركي، وكما حدث مؤخرا في احتلال ليبيا..الخ وما حدث ويحدث في سوريا ليس بعيدا عن ذلك..الخ.
الوطن العربي –يا سادة -أصبح وطنا منكوبا، والامة العربية أصبحت امة منكوبة.. وليس هذا كلام انشاء، ولا كلاما نردده بلا معنى، وبدون اسانيد وحقائق تدعمه…
فالأرقام تكذب الفاسدين والمرجفين، كما يكذب الماء الغطاسين..
فالمديونية في هذه الاقطار ولتقل في اغلبها  تضاعفت وبلغت ارقام فلكية، كما عم الفساد واصبح شيئا ثابتا في العالم العربي، وانتشر المفسدون كما ينتشر الوباء، واصبحوا يمارسون السرقة علنا بعدما طوعوا القوانين لخدمتهم.وتضاعفت المديونية في بعض الاقطار بدلا مما تنخفض، وعادت الاوبئة تغزو هذا الوطن الجميل من جديد، فها هي الكوليرا تعود للعراق واليمن والصومال. ولا حول ولا قوة الا بالله…وارتفعت الامية بدلا مما تنخفض في عصر ثورات المعرفة التي جعلت العالم كله قرية صغيرة..الخ.
وازدادت الاوضاع الاقتصادية سوءا، وجاءت ثورات الاحتجاج ومسيرات الغضب، لتؤكد للجميع : حكاما ومحكومين، بان الاوضاع في هذه الدول بلغت من السوء وضعا لم يعد يحتمل، ولن يحتمل…
هذه الاحتجاجات الجماهيرية بدأت من سنوات سبع، «2011» ..انطلقت شرارتها من تونس من جسد البوعزيزي، ولكنها اجهضت في كافة الاقطار بعدما استغلها اعداء الامة،وعلى راسهم اميركا، التي ركبت موجة هذه الاحتجاجات، لقتل الامل العربي المشروع، ونشر الفوضى الهدامة،كما بشرت بها «كوبرا» الخارجية الاميركية،كو ندا ليزا رايس، فاطلقت «السي.اي.ايه» وباء داعش،لتدمير سوريا والعراق ومصر وليبيا واليمن والصومال.. الخ، واختطاف الاسلام الحنيف، وتحويل حواضر الامة الى خرائب، ومرتع للقتل والهمجية والخوف والارهاب.
وها هي مظاهرات الغضب الشعبي تنفجر من جديد في العديد من الدول العربية، وتنذر بحريق هائل، اذا لم تستجب الانظمة لمطالب الشعوب، وتعيد الامانات الى اهلها، ونعني التسليم بالديمقراطية الحقيقية وليس الشكلية والتي تعني تداول السلطة، وزج الفاسدين في السجون والحاويات،وارجاع الاموال المنهوبة، وتحقيق العدالة والمساواة قولا وعملا..
ولكل حادث حديث.

مقالات ذات صلة