الخوالدة: إليكم هذا لتحريك الاقتصاد

حرير_قال الوزير السابق الدكتور خليف الخوالدة في تغريدة عبر حسابه على تويتر:

ارتفاع الضرائب على اختلاف أنواعها ومسمياتها أنهك الاقتصاد.. وكذلك الحال بالنسبة لارتفاع الرسوم والبدلات.. أما الإعفاءات والاستثناءات فقد احدثت تمايزات وتشوهات مع بعض التحايلات.. فليس أشد خطورة على بنية الاقتصاد من التشوهات..

لا نقلل من قيمة ما تطرحه الحكومة حاليًا من حوافز لتنشيط الاقتصاد والاستثمار.. فهي جيدة بشكل عام، لكنها غير كافية.. وعليها ملاحظات.. فبعضها يحتاج لوقت طويل للتنفيذ.. وفي تطبيق بعضها تحديات وله متطلبات قد تفوق في تكلفتها جدواها.. وبعضها يخلق إرباكات خصوصًا تلك التي استهدفت قطاعات دون غيرها أو ارتبطت بحجم القطاع.. وهذا يخلق تمايزات وتشوهات وقد تؤدي إلى حدوث ممارسات غير قانونية أو محاولات في غير محلها للاستفادة من هذه الحوافز..

هذه الحوافز قد تشجع المستثمر الحالي في بعض القطاعات لكنها لا تجذب المزيد.. التخوف منها أيضا لأنها قصيرة المدى لا تشجع على تحفيز الاقتصاد والاستثمار بشكل مستدام.. ويخشى المستثمر الحالي أو المستهدف من التراجع عنها في أي لحظة خصوصا مع التجارب التي عايشها مع سياسات الانتقال من النقيض إلى النقيض التي تأتي عادة كردود فعل متسرعة سرعان ما يتم التراجع عنها وأحيانًا من قبل نفس الحكومة التي اقرتها..

بعد الدراسة والتحليل واستذكار بعض مما اقترحته رسميًا بهذا الخصوص عندما كنت في موقع المسؤولية قبل سنوات، ولتحريك الاقتصاد الأردني أرى إصدار قانون بأسرع وقت ممكن تسري احكامه من بداية العام القادم بحيث يتضمن أحكاما تعدل التشريعات النافذة فيما يتعلق بالضريبة العامة على المبيعات وتخفيضها لتصبح بنسبة ١٠٪؜ كحد أقصى على جميع المنتجات من سلع وخدمات واستمرار ذلك لمدة ١٠ سنوات قادمة.. وإلغاء الضريبة الخاصة التي استهدفت القطاعات المنتجة بهدف زيادة الإيرادات الضريبية  فلم تعد قادرة على التحمل فتراجع نشاطها بشكل كبير.. هذا بالإضافة إلى وقف كامل لجميع الإعفاءات والاستثناءات من مختلف أنواع الضرائب.. الإعفاءات والاستثناءات احدثت تشوهات.. ولا بد من إلغاء ما يسمى بالضريبة الصفرية (بنسبة صفر)، فهذا اختراع في غير مكانه وعليه ما عليه.. وضررها أكثر من نفعها كما انها مجالا للاستغلال وقد أحدثت تمايزًا غير مبرر في القطاع الواحد وفوق هذا احدثت تشوهات وقادت إلى مخالفات..

هذه التخفيضات كفيلة بوقف (أو على الأقل الحد) من الممارسات غير القانونية مثل التهرب والتهريب وغيرها من ممارسات..

وأن يتضمن هذا القانون إقرار شرائح ضريبية تصاعدية لفئة الأشخاص الطبيعيين تبدأ من ٥٪؜ إلى ٣٠٪؜ ولفئة الأشخاص الاعتباريين على اختلاف مجالات العمل تبدأ ١٥٪؜ إلى ٤٠٪؜.. وتحديد الشرائح الضريبية للفئتين بمنتهى الموضوعية والدقة.. وبالتالي يتحقق مبدأ التصاعدية في شرائح الدخل وليس باختلاف القطاعات.. فالقطاعات التي تحقق ربحية عالية يدخل معظم دخلها الخاضع ضمن الشرائح الأعلى.. بهذا ينتفي مبرر تغير نسبة الضريبة بتغير القطاع.. هذا مع إقرار اعفاء شخصي من الدخل الخاضع للضريبة سنويا للأعزب ١٢ ألف دينار وللعائلة ٢٤ ألف دينار.. ووقف تخفيض التبرعات من الدخل الخاضع للضريبة لأنها قد تستخدم لأغراض أخرى انتخابية أو غيرها وما عليها من ملاحظات..

وجود مثل هذه المعطيات في قانون أمر مهم حيث يصعب على الحكومات عملية تعديلها أو تغييرها.. وهذا يعزز من ثقة المستثمر بالبيئة الاستثمارية والثبات النسبي في التشريعات التي تحكمها.. وثبات المعطيات التي يبني عليها قراره بالاستثمار أو التوسع فيه.. ولا ننسى أن الثقة أساس كل نشاط وكل قرار..

الهدف من تجميع هذه المعطيات في قانون واحد هو سهولة وسرعة اقرارها.. ويتعامل مع هذا القانون كتشريع انتقالي تعكس أحكامه على التشريعات ذات العلاقة عند تغييرها أو تعديلها مستقبلًا حيث تنتهي الغاية منه حال انتقال ما فيه من أحكام إلى التشريعات ذات العلاقة.. وقد يبقى وعاءًا تشريعيًا يستوعب أية إجراءات اصلاحية سريعة بهذا الخصوص مستقبلًا..

هذا وحده لا يكفي بل لا بد من تطوير الخدمات وتبسيط إجراءات تقديمها وضمان شفافيتها وعدالتها.. مع تبني إجراءات واضحة لضبط الإنفاق وتصحيحه ووقف الهدر في مختلف البنود والمجالات.. وهذه سنتحدث عنها لاحقا مع بعض التفاصيل..

معنى هذا، أن الحلول أُحادية الجانب أو المجال لا تكفي في مثل هذه الظروف.. بل الأمر يتطلب منظومة متكاملة من الحلول.. حلول تتناول الضرائب والرسوم وجودة الخدمات مع ضبط للإنفاق في مختلف بنوده وتوجيهه إلى المجالات المنتجة..

يتطلب نجاح ذلك، الدخول في اتفاقات مع جهات دولية واقليمية ومحلية للحصول على قروض خارجية بقيمة سنوية ٤ مليار دينار لتغطية النفقات العامة لمدة سنتين وفترة سماح يؤجل فيها استحقاق اقساط الديون والفوائد الجديدة والقائمة لمدة ٣ سنوات.. هذا بالإضافة إلى العمل المكثف للحصول على منح لدعم الموازنة بشكل مباشر..

هذا التحول يقوم على تخفيض تلكفة المنتجات من سلع وخدمات مما يزيد قدرتها التنافسية في الأسواق وبالتالي يزداد حجم النشاط فتزداد حصيلة الضرائب تلقائيًا.. اعتقد سيحدث مثل هذا التحول، الذي يستند على تعزيز تنافسية الاقتصاد وجاذبيته، نقلة نوعية وتحسنا ملموسا في المؤشرات الاقتصادية والمالية خصوصا بعد مرور سنتين على تطبيقه..

هذا تحول كبير.. لهذا يحتاج إلى درجة تحمل عالية.. وعلى الأقل لمدة سنتين.. وبعدها فالتوسع في النشاط وازدياد الحركة سيحقق ما نطمح له من ايرادات.. وربما تزيد عما لو أبقينا على النسب الحالية للضرائب..

ميزة هذا الطرح فبالإضافة إلى أنه يعزز الثقة بالاقتصاد ويعزز ثقة المستثمر كما أنه يقلل التكاليف مما يزيد تنافسية المنتجات من سلع وخدمات.. فتتوسع الأسواق وتزداد الحركة الاقتصادية.. كما أنه يتفادى حدوث أي تشوهات أو تمايزات أو ضعف في التنفيذ وما يرتبط بمثل هذا من ممارسات غير قانونية..

صدقوني الثقة هي كل ما يحكم الاقتصاد.. بل تحكم كل شيء.. فحتى الحوافز الجيدة تبقى الثقة باستمرارها ودوامها العامل الحاسم الأساس.. إذا ما بُنيت الثقة، فما دونها سهل التحقيق..

مقالات ذات صلة