إنما رجموا الوطن وليس باصات جت.. ابراهيم عبدالمجيد القيسي

من هم الذين يعتدون على حافلات الركاب والسيارات المارة على الطريق الصحراوي المتجه من وإلى العقبة؟ هل هم مجرد أطفال أشقياء أم ثمة «تاجر» آخر يقوم باستخدامهم؟!.. كيف تتنامى أفكار الانحراف والتطرف في المجتمعات؟..

عشرات الاعتداءات وقعت على حافلات الركاب القادمة والمتجهة الى العقبة، وكان الحظ الأوفر منها ما وقع على باصات «جت»، التي يديرها المهندس مالك حداد، وقبل أيام قرأنا خبرا ثم تعليقات وتفاعلات بشأن أحد هذه الاعتداءات، والذي وقع عند «جسر معان»، وتم خلاله تكسير زجاج باصات من شركة جت، علما أنه لا يوجد باص «جت» فارغ من الركاب والسياح يسير عبر تلك المنطقة، فالشركة تسيّر 50 رحلة يوميا بين عمان والعقبة، وهي أكبر وأقدم شركة نقليات سياحية في الأردن، وتاريخها معروف وحجم عملها وتأثيرها، وتتمتع بسمعة طيبة ونجاحات معروفة، وقد نالت جوائز دولية حول نجاحاتها وتطبيقها لمعايير السلامة والراحة للمسافرين معها داخل او خارج الأردن..
أكثر من سبعين «كروكة» تم تسجيلها عن اعتداءات على شركة «جت» وحدها خلال عام 2018، هل تشاهدون حجم الظاهرة؟ وهل تعتبرون 73 حادث رشق حجارة وقع على باصات جت خلال عام واحد رقما عاديا، ولا يستدعي التوقف عنده؟
الأمن العام وغيره من الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها بلا شك، لكن المجتمع المحلي هو المعني وهو المطلوب منه الوقوف ضد هذه الظاهرة المسيئة له، وللوطن، فالحوادث لا تقع فقط على الطريق الصحراوي، بل من بينها ما يقع في مناطق حول البتراء أيضا، وفي القويرة «حسب الشكاوى والكروكات» ..أتمنى أن تصل الرسالة الى كل أهلنا هناك (امسكوا العيال وابعدوهم عن الطرقات وعن الإساءة لنا جميعا).
شركة جت؛ لا تريد مني شهادات حسن سيرة وسلوك ولا من غيري، وكذلك مديرها العام المهندس مالك حداد، فالمرة الأولى التي تعرفت خلالها على هذا الرجل كانت في مناسبة رمضانية حضرتها بدعوة من صديق زميل، وكانت مائدة إفطار لأطفال أيتام، ولم أتفاجأ بأن الذي يقيم الإفطار هو رجل اعمال أردني «مسيحي»، فالوطنية والتكافل والتراحم والاحترام في الأردن، ليست على أساس العقائد، فأنا عشت في قرية لم أكتشف بأن نصف سكانها مسيحيون الا بعد أن أصبحت شابا، بل لم أشعر باختلاف في الأخلاق ومكارمها وأصالتها حتى اليوم، فموقف مالك حداد كان طبيعيا حسب قناعاتي، لكنني اكتشفت فيما بعد أن هذا الرجل ومن خلال موقعه في هذه الشركة قد قدم مثالا آخر في قيام القطاع الخاص بدوره الاجتماعي تجاه المجتمع، والمواقف والقصص والمبادرات كثيرة وممتدة ولا يمكن اجمالها بمقالة واحدة..
المهم في هذه القصة أن شركة جت من أهم شركات النقل السياحي في الأردن وأكبرها، وأعمقها ارتباطا مع المجتمع الأردني، ومالك حداد رجل مبتلى بحب الناس كلهم وبحب بلده وبكرم أخلاقه الذي يعرفه كثيرون..فلماذا يتم «رجمنا» جميعا بأيدي «جهّال»؟ ولماذا لا تتوقف هذه الظاهرة التي تريد قتل النجاح والاحسان والترابط بين الأردنيين؟ ولماذا نسمح بأن تحدث هذه المواقف في مضارب أردنية لم نعرف عنها سوى تاريخها الطيب ومواقفها الوطنية والعشائرية الأصيلة؟ ..وبعيدا عن التفاصيل السيئة و «تجّارها الأوغاد»، ندق هذا الجرس محذرين ومنذرين، فالوطن بالكاد يحتمل الأخطار العابرة للحدود.

مقالات ذات صلة