خبزة وبندورة.. رمزي الغزوي

في ظلال القصة الشعبية المعروفة، عن معنى الاتحاد وضرورته بين الإخوة. سنضحك أو نبكي مع الأب الذي أراد أن يعلم أبناءه هذه القيمة الحياتية، وهو على فراش الموت، فطلب من أحد أبنائه أن يكسر عصا واحدة؛ فكسرها، ثم ناوله اثنتين فكسرهما. ثم أعطاه حزمة العصي كلها؛ ليقول لهم إن العصي إذا تجمعت لا تنكسر، لكن الدبَّ مفتول العضلات كسرها من أول خبطة، تاركاً أباه يموت بحسرته وغصته.

كثيراً ما تفشل الخطب النارية التي تستخدم وسائل تعليمية غير مدروسة جيداً. فما زلت أذكر ذلك البائع الذي كان يستعرض على المارة في الشارع قوة الكؤوس الزجاجية ومقاومتها للكسر. إلا أنه قد خسر خسارة كبيرة حينما رفع كرتونة كاملة فوق رأسه وضربها بقوة على الأرض؛ لتتناثر شذرات وسط ضحكات وشماتة من كانوا يرغبون بالشراء.
سألني صديقي عن مصير رغيف الخبز وحبة البندورة، اللذين استخدمهما واحد من نوابنا الكرام خلال مناقشات قانون الموازنة العامة. هل أعاطهما لرئيس الوزراء؛ كي يتناولهما بالطريقة الكلاسيكية على الغداء؟ أي أن تأخذ قضمة خبز تتبعها قضمة بندورة، وتحمد الله على جميل نعمه.
لم نعرف بالضبط مصيرهما. فما معنى أن تحضر معك للمجلس سلة فيها علب حمص وفول وسردين. أو رفي خبز وحبة بندورة، ألا يكفي أن تقول اسم هذا الاشياء؛ لتتشكل الصورة والمعنى في ذهن السامع أو المشاهد؟
في الأعراس القديمة، كنتُ ستنال سمعة طيبةً إن أسمعت الناس، وخصوصا الصبايا اللواتي يراقبن الدبكة عن كثب، كنت ستنال سمعة طيبة لو اسمعت الجميع خرخشة النقود المعدنية في جيبك، وأنت ترهز بنشاط في الدبكة. أحدهم ركب الموجة وملأ جيبه بقطع زجاج صغيرة؛ فهي تصدر نفس الصوت، وتؤدي نفس الغرض. ولكن الفرحة انقلبت ترحة، فقد انفتقت الجيب وتساقطت قطع الزجاج، مسببة فضيحة مدوية ما زالت الذاكرة الشعبية تهمزها كل حين.
ثمة ازدواجية يعيشها بعض الناس في هذا الزمن، فهم يريدون أن يكون صواريخ مدوية، حسب نظرية (يا بنت شوفيني وشوفي طولي). ثم يقومون بعكس هذه الأشياء، حينما يترجلون عن المنبر، معتمدين على أن ذاكرة الناس مهترئة لا تمسك شيئا.

مقالات ذات صلة