هنا يرقد جبر.. يوسف غيشان

بشكل عام ، فالإنسان لا يأبه في حجم ولا في نوع الآلام  الجسدية والنفسية التي يسببها للكائنات الأخرى، الإنسان كائن أناني وقد بنى  حضارته على الأنانية ، وعدم الاهتمام بما يجلبه من الكوارث على الكائنات  الأخرى. هذا ما عكسه الإنسان على نفسه، أيضا، ولم يعد القوي المتجبر يهتم بما يوقع بالآخرين من أبناء جنسه من مصائب.

صحيح أن الدموع تجلي العيون وتنظفها  من رمد الواقع ووحل الزمن ، لكنها ورغم طبيعتها التنظيفية والتلطيفية ، الا أنها تترك جروحا وندوبا في الروح مثل مجاري الأنهار والوديان… من الصعب – أن لم يكن من المستحيل – ردمها تماما.
اليابانيون شعب لا يطيق الانتظار على جاعد الزمن، ولا يصرفون ما بالجيب ويستدينون على ما في الغيب. لذلك لا ينتظرون الصدفة لتجعل ذرة غبار تدخل في صدفة حيوان المحار ، لتتحول بعد زمن طويل الى لؤلوؤة ،بل إنهم – اليابانيون- يضخون الغبار داخل الصدفات ، فيتألم الحيوان المسكين ويبكي وينوح.
دموع المحار وصرخات جسده تتجمع حول مركز الألم رويدا رويدا حتى تخنقه ، فيموت المحار وقد خلف وراءة حوصلة من الدموع والألم .. نسميها اللؤلؤ ، حيث تتزين به النساء من اجل طلّة أكثر بهاء ورونقا وجمالا وثراء.
الياباني ومن نقل عنه تلك الطريقة يفعل ذلك لأسباب اقتصادية بحتة ، فالموضوع ليس شخصيا على الإطلاق، إنما هدفه الربح الوفير والمال الكثير ، أما سادة التسلط من بعض العرب فيفعلون ذلك أولا وأساسا على سبيل ممارسة السادية  وربما تاسعا أو عاشرا من أجل المال.
افتحوا المقابر والسجون، فسوف تجدون مقبرة لآليء  لا يستغلها احد:
مقبرة في قلوب المعارضين الذين ماتوا تعذيبا أو كمدا!
مقبرة في قلوب الأدباء والشعراء والفنانين
مقبرة في قلوب الصحفيين
مقبرة في قلوب الفقراء
مقبرة في قلوب أمهات
مقبرة في قلوب الأطفال
حتى صارت بعض بلاد العرب  سلسلة طويلة من الجبانات والمقابر  متجاورة يحدها من الشمال مقبرة ومن الجنوب مقبرة ومن الشرق مقبرة ومن الغرب مقبرة … في السماء مقبرة وفي باطن الأرض مقبرة .
إنها مقابر متشابهة ،عليها شاهد قبر واحد مكتوب عليه كلمة واحدة تقول 🙁 هنا يرقد جبر … من بطن أمه للقبر) .
عظم الله أجركم.

مقالات ذات صلة