‘‘خدمة وطن‘‘.. برنامج غير إلزامي وانتقادات لحصره براسبي ‘‘التوجيهي‘‘
حرير _ “لمن لم يحالفهم الحظ في التحصيل العلمي”؛ وصف أطلقه وزير العمل سمير مراد على من سيستفيدون من برنامج “خدمة وطن”، والذي سبق وأن أعلن عنه رئيس الوزراء عمر الرزاز، عند إعلانه لأولويات الحكومة في العامين المقبلين.
هذا الوصف؛ يطرح تساؤلا حول ما إذا كان وصما لـ”خدمة وطن” الذي لم يبدأ بعد، أم أنه جاء “عفو الخاطر”، بخاصة وأنه يشير الى أن البرنامج يخص من لم يتمكنوا من التقدم بتحصيلهم العلمي، أو نالوا درجات لا تؤهلهم لاكمال تعليمهم.
وفي الوقت نفسه، تساءل خبراء: “هل البرنامج لا يستحق الا من لم يحالفهم الحظ في التعليم؟ فإذا كان كذلك؛ أين تكمن أهميته، وهل هناك داع لاعادة تدريب من لم يحظ بقدر جيد من التعليم، أي هل يمكن له أن يكون مؤهلا لدخول برنامج كهذا؟”.
خبراء؛ قالوا إن “الاقبال أساسا على هذا النوع من البرامج قليل، نظرا لعدم وجود حوافز كافية فيها؛ وعدم ضمان تمكينها للملتحقين بها من دخول سوق العمل، وهو الهدف الأساس منها”.
كما لفتوا إلى أن “من يحصل على عمل بعد الانتهاء من البرنامج، يكون راتبه متدنيا، وهو ما يجعل الاقبال على هذه البرامج قليلا، وأحيانا متدنيا”.
الوزير مراد؛ أكد قبل يومين، في بيان، ان “خدمة وطن”؛ أيضا “غير الزامي”، وسيستهدف تدريب وتأهيل نحو 20 ألفا على ثلاث دفعات، بواقع دفعة كل 4 أشهر لـ”الراغبين ممن لم يحالفهم الحظ في التحصيل العلمي”، للحصول على مهنة ضمن قطاعات مستهدفة؛ هي: الصناعة، الانشاءات، والسياحة، بالتعاون مع مؤسسات القوات المسلحة الأردنية.
ولعدم التمكن من الحصول على اتصال مع مراد، أوضح مصدر مطلع بالوزارة لـ”الغد” أمس، حول قصد الوزير من عبارته “لمن لم يحالفهم الحظ”؛ بأنها تستهدف “الراسبين” في امتحان الثانوية العامة “التوجيهي”.
ولفت إلى أن التقدم لـ”خدمة وطن”، سينفذ بداية العام المقبل، وسيعلن عنه في الايام المقبلة.
الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، رأت انه بإعلان الرزاز؛ عن البرنامج في إطار ما وصفه بـ”تحسين حياة الأردنيين”؛ تقتضي العدالة إذن فتح باب الالتحاق به للجميع، أكانوا حملة شهادات جامعية أو كليات أو خلافه.
ولفتت النمس إلى أن اطلاق وصف “لم يحالفهم الحظ”، سيوصم البرنامج بشكل أو بآخر اجتماعيا، كما يحدث مع برامج التدريب المهني عادة، والتي لا يجدها بعض الأشخاص جاذبة، برغم اهميتها.
وبينت أن الاعتقاد المجتمعي السائد؛ بأن الذين يلتحقون بمراكز التدريب المهني، هم غالبا من غير المتقدمين أكاديميا، ما يوصمهم بأنهم “فاشلون” بالدراسة، وهذا جعل أغلبية الشباب، يتجنبون الالتحاق بها، والمضي لإعادة “التوجيهي” للحصول على درجات تمكنهم من الدراسة الجامعية، أو الالتحاق بمعاهد وأكاديميات، تحقق لهم تعليما ينأى بهم عن مراكز التدريب المهني.
ولفتت إلى أن غياب الاقبال على التدريب المهني، تسبب بتضخم أعداد الخريجين الجامعيين، كما أن غالبية التخصصات الأكاديمية الجامعية اشبعت، في مقابل الحاجة الملحة للحرفيين والمهنيين بسوق العمل، والتي يستعاض عن نقصها بعمالة وافدة”.
خبير سياسات العمل مدير بيت العمال حمادة ابو نجمة، لفت الى تجربة الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل، وهي شركة مساهمة خاصة غير ربحية؛ تتبع القوات المسلحة، تأسست بالتعاون بين وزارة العمل والقوات المسلحة في تموز (يوليو) 2007.
هدفت الشركة، التي ما تزال ناشطة حتى اليوم، إلى توجيه الشباب نحو العمل المهني، بهدف تنويع المساحة التعليمية، لتلبية احتياجات سوق العمل بالكفاية الكمية والنوعية من القوى المهنية العاملة المتميزة.
أبو نجمة تساءل “بما ان الوزارة ستنفذ هذا البرنامج مع القوات المسلحة، فهل تتحدث عن برنامج الشركة الوطنية نفسه مع اختلاف الشروط والحوافز، أم عن برنامج مستقل؟”.
الشركة التي بدأت في مجال المهن الانشائية، ثم توسعت لتشمل مهنا حرفية وصناعية، في 17 معهدا في المملكة، بالإضافة للتعاون مع مراكز تدريب تابعة لمؤسسة التدريب المهني، بلغ عدد الملتحقين ببرامجها منذ تأسيسها، أكثر من 17 ألفا من الجنسين.
ولفت ابو نجمة الى أن نسبة تشغيل لمن أنهوا برامجهم التدريبية فيها؛ بلغت 75.8 %، مسجلا منهم في الضمان الاجتماعي 50 %، ما يدل على نجاح التجربة، في حين كان يفترض بان يخضع لبرنامجها 30 ألفا، لكن هذا لم يحدث، ما يطرح سؤالا جديدا على الحكومة، يتمثل بالإجابة على سبب عدم إقبال أغلبية الشباب على التقدم للبرامج التدريبيبة فيها.
وتقدم الشركة الوطنية حوافز وامتيازات للمتدربين، منها مصروف جيب وبدل مواصلات شهريا، وتأمين ضد إصابات العمل، وزي خاص للتدريب، كما ويمنح خريجها شهادة كفاءة ومزاولة مهنة، صادرة عن مركز الاعتماد وضبط الجودة، وهوية مصدقة من وزارة العمل، وشهادات مهارات حياتية وريادية واستخدامية.
لكن تصريحات مراد حول “خدمة وطن”؛ تشير إلى أن امتيازات البرنامج الجديد أثناء التدريب، تتمثل بـ: راتب شهري قدره 100 دينار، وجبة طعام، تأمين ضد إصابات العمل، مواصلات وزي عمل، وفي نهايته، يمنح الخريج اجازة مزاولة مهنة من مركز الاعتماد وضبط الجودة.
وحول منهجية التدريب؛ قال مراد إن “مدة البرنامج تصل إلى 476 ساعة، تقسم الى مرحلتين، الأولى تدريب عسكري لشهر، يتضمن: لياقة بدنية، توجيه معنوي، المواطنة، الضبط والربط. الثانية لثلاثة شهور، تتضمن: التدريب داخل المشاغل والمختبرات نظريا وعمليا، تسليح المتدربين بالمهارات الحياتية، دورات ريادة اعمال وسلامة وصحة مهنية.
أبو نجمة؛ أكد أن “خدمة وطن”، شبيه بتجربة الشركة الوطنية، مع التوسع في التخصصات المهنية وتنوعها، ولنجاحه؛ يجب تحفيز الملتحقين به، بحسن اختيار التخصصات المهنية التي سيجري التدريب عليها، وتوفير بيئة تدريب لائقة، وأن تضمن برامج التدريب، فتح آفاق حقيقية لفرص عمل للخريجين، بتهئية قنوات تعاون مع القطاع الخاص، ومشاركته بصورة فعالة في تصميم برامج التدريب وتنفيذها، بحيث تنسجم مع احتياجات سوق العمل الفعلية”.
خبير سياسات التدريب المهني والتشغيل المهندس علي نصر الله، بين أن اربعة أشهر مدة “خدمة وطن”؛ غير كافية لتأهيل أي شخص لدخول سوق العمل، مقترحا تمديدها إلى ثمانية على الاقل، مؤكدا ايجابية الفكرة، شريطة متابعة الخريجين وتأمين فرص عمل لهم.