مطالبات بتحقيقات محايدة بـ”فاجعة البحر الميت”

عمان- رفض حقوقيون ونقابيون قرار الحكومة بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق في “فاجعة البحر الميت”، معتبرين أن الأصل أن تكون اللجنة “مستقلة من خبراء يشهد لهم بالعلم والحياد”.

وقال هؤلاء “في الساعات الأولى من الفاجعة وبدلا من أن تتركز التصريحات الحكومية على عمليات الإنقاذ والإغاثة أصدر مسؤولون حكوميون تصريحات باتجاه التنصل من المسؤوليات عبر تحميل المسؤولية حصرا على إدارة المدرسة”.
وتابعوا “هذا التنصل انما أعطى انطباعا غير مريح للرأي العام بأن نتائج التحقيق الوزاري سيكون باتجاه اخلاء ساحة الحكومة من المسؤولية”، مستغربين في ذات الوقت أن “تتضمن اللجنة في عضويتها وزارات معنية بالحادثة كوزارتي التربية والتعليم والسياحة”.
ويطالب الخبراء بلجنة تحقيق مستقلة على غرار اللجنة الملكية، التي كانت شكلت في أعقاب بث فيلم وثائقي يوثق لاعتداءات وإساءات بحق الأطفال ذوي الإعاقة بمراكز التربية والخاصة في العام 2012.
وكانت اللجنة الملكية المذكورة ضمت حينها أعضاء مستقلين من منظمات مجتمع مدني، وترأسها حينها الدكتور محيي الدين توق، حيث خرجت اللجنة بتقريرين موسعين، حملا وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الأعلى لشؤون المعوقين مسؤولية التقصير.
في مقابل ذلك، رأت وجهة نظر أخرى أن “خروج لجنة التحقيق الوزارية بنتائج محايدة وموضوعية مقنعة للرأي العام قد يساهم في اعادة الثقة بالحكومة، لكن ذلك يتطلب استبعاد الوزارات التي تم توجيه تهمة التقصير لها من قبل أهالي الضحايا والرأي العام”.
في هذا السياق تقول مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز لـ”الغد” “في حالات الكوارث فإن التركيز يجب أن يكون على جهود الإغاثة، لكن الحكومة في مرحلة مبكرة جدأ خرجت بتصريحات توحي بالتنصل من المسؤولية، هذا الأمر أثار القلق”.
وتابعت “المسألة ليست ايجاد المذنب أو كبش فداء لتحميله المسؤولية، الأهم هو ايجاد ضمانات لعدم التكرار، بالوقوف على الخطأ وتصويبه”.
واضافت عبد العزيز ان المطلوب اليوم “لجنة تحقيق مستقلة أعضاؤها مستقلون، تحدد هذه اللجنة الية عمل ومهام واضحة، كما يحدد لمن تقدم تقريرها وما هي الإجراءات التي يجب أخذها”.
وترى عبد العزيز أن “هذه اللجنة يجب أن تضم في عضويتها هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة، ممثلين عن مجلس النواب، القضاء وممثلين عن النقابات والمجتمع المدني”.
يتفق نائب نقيب المعلمين الأردنيين إبراهيم شبانة في الرأي مع عبد العزيز لجهة أهمية تشكيل لجنة مستقلة لضمان نزاهة التحقيق.
ويقول: “هناك محاولات مقصودة لإدانة المدرسة ووزارة التربية والتعليم، لكن الحقيقة أن هناك ضحايا من خارج المدرسة من المواطنين”.
وأضاف أن مشاهد انهيار الطرق والجسور ومياه السد وتقصير المستشفيات وكل من له علاقة مباشرة من مؤسسات الدولة “يجب أن يشمله التحقيق والمحاسبة”.
فيما يرى الخبير الاممي واستشاري الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان ان ثمة أوجه قصور في العمل الحكومي، ادى الى الكارثة، ويقول “المدرسة مسؤولة مباشرة ومسؤوليتها جنائية وحقوقية وإدارية، الا ان هذا لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها، فالحكومة انتهكت حقوق الضحايا بما فيهم الأطفال”.
وبين  ان اخطاء الحكومة “تشمل غياب الرقابة على المدارس والأنشطة الطلابية، والإخفاق باتخاذ الإجراءات الوقائية من قبل وزارة التربية، وعدم قيام إدارة السير بإغلاق الطرق في الأماكن الخطرة بسبب وجود تحذير، وعدم صيانة الطرق وتحديد الأماكن الخطرة من قبل وزارة الاشغال وأيضا الانتهاك حصل من قبل وزارة السياحة كونها لم تضبط معايير سياحة المغامرات”.
يضاف الى ذلك – بحسب جهشان- فوضى المعلومات الرسمية، فالوزراء على التلفزيون “بلا ارقام، وغياب لغرفة عمليات مركزية ملحق بها فرق دعم نفسي متخصصة للتعامل مع أهالي الطلاب مباشرة، وأخيرا فوضى التعرف على الجثث وما تبعه من ارباك للأهالي ومعاناة نفسية لهم، ولأجهزة الدفاع المدني”.
ويرى جهشان أن “التحقيق المحايد مع الوزراء الذين أخفقوا لا يكون من قبل مجلسهم بأي شكل من الاشكال، فمن المستغرب ان يكون هناك لجنة تحقق مع أعضائها، لتضارب المصالح الذي يلغي اي مصداقية او مرجعية عدالة لنتائجها”.
ويعتبر أن “الأساس في التحقق من إخفاقات الحكومة يكون من قبل مجلس النواب، او لجان محايدة من قبل مؤسسات المجتمع المدني من مثل النقابات المهنية والمركز الوطني لحقوق الانسان، ومؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حقوق الإنسان”.
لكن نقيب الصحفيين الزميل راكان السعايدة لديه وجهة نظر أخرى، ترى ان اللجنة الوزارية قد تشكل فرصة لاعادة الثقة بالحكومة من قبل المواطنين في حال أثبتت موضوعيتها وخرجت بنتائج محايدة وموضوعية تحمل الأطراف المعنية مسؤوليتها.
ويقول السعايدة “اتنمى ان تخرج اللجنة الحكومية بنتائج موضوعية ومنطقية، من خلال ذلك ستستعاد الثقة بالمؤسسات الرسمية”.
وزاد: “حاليا نحن في حالة انعدام للثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية”.
ويرى السعايدة أن “ضمان خروج نتائج موضوعية ومحايدة من اللجنة الوزارية يتطلب اعادة تشكيلها باخراج جميع الوزارات والجهات المعنية بالكارثة، كوزارات الصحة، المياة والري، التربية والتعليم، السياحة، الأشغال العامة والبلديات”.
مديرة مجموعة القانون لحقوق الإنسان المحامية ايفا أبو حلاوة تؤشر في حديثها الى مرحلة ما بعد نتائج التحقيق، وتقول “نقلت هذه الحادثة الأليمة قضايا الأطفال من اطار الإهتمام الخاص للمجتمع الأردني الى الإطار العام، وبالتالي طرح عدة قضايا مهمة منها مدى مسؤولية الشخص الذي توكل له رعاية طفل ومدى المسؤولية القانونية لهذا الشخص تجاه الصحة الجسدية والنفسية ومدى الوعي بهذه المسؤولية وضمان القانون لها”.
وترى أن ذلك بالمحصلة يؤكد على “ضرورة اقرار قانون خاص بحقوق الطفل ومراجعة التشريعات ذات العلاقة بما يضمن حماية اكبر للاطفال وحقوقهم”.
وقالت ابو حلاوة ان الحادثة “ابرزت أهمية ان تكون الموازنات والسياسات والاماكن صديقة للاطفال، كما أماكن التنزه والتسوق كما هو موجود في بعض الدول، حيث يوجد في كل منشاة تسهيلات واماكن خاصة بالأطفال”.

مقالات ذات صلة