“تحديات المياه”: ضعف الضخ واهتراء الشبكات وشح المصادر

محافظات- مر فصل الصيف للعام الحالي على أغلب سكان المحافظات دون عطش، بعد أن انخفضت شكاوى الانقطاعات الجماعية المعتادة بشكل كبير ولأول مرة منذ عشرات السنين، واقتصرت على حالات فردية هنا وهناك، تكفلت الصهاريج المعباة بالمياه، والتي كانت تقوم بارسالها إدارة المياه في كل محافظة بمعالجتها، وهو ما ارجعه مسؤولو المياه الى تنفيذ الوزارة مشروعات عدة لتطوير وتحديث شبكات المياه والمحطات والآبار.

ورغم أن الرضى كان السمة الغالبة على السكان ازاء خدمة مياه الشرب، إلا أن ضعف الضخ كان يعكر صفو هذا الرضى، والذي عانت منه مناطق عديدة في المحافظات، لاسباب خارجة عن قدرات إدارات المياه في هذه المناطق، بحسب مسؤوليها وتتصل بشح مصادر المياه أو ارتفاع المنطقة.
بيد أن هذا الضعف في الضخ وعلى سوئه، كان يوفر لبعض السكان الذين يعانون منه الحد الأدنى من حاجتهم للمياه، بعد أن خبروا التعامل معه، ما يجعلهم في غنى عن شراء مياه الصهاريج التي اثقلت كاهلهم طوال السنوات الماضية.
ولجأ الكثير من السكان لمواجهة ضعف الضخ إلى تركيب مضخات على خطوطهم لشفط المياه بشكل أسرع من الخطوط الرئيسية، للتعجيل في تعبئة خزاناتهم، قبل أن تنتهي ساعات الضخ وفقا لجدول توزيع المياه.
غير أن أكثر ما واجه ادارات المياه من تحديات في العديد من المناطق هو شح مصادر المياه وانقطاعات الكهرباء عن الآبار واهتراء الشبكات ونسبة الفاقد الكبيرة المهدورة منها، والتي كانت تسهم في عدم قدرة المياه على الوصول إلى جميع المناطق، وتجعل من هذه الادارات تقف عاجزة أمام وضع حلول لهذه المشكلة وسط نقص التمويل.
ويتشابه وضع المياه في محافظة إربد مع اوضاع المياه في المحافظات الاخرى إلى حد كبير، إذ لم يسجل انقطاعات جماعية، وانما اقتصرت على شكاوى فردية بعدم وصول المياه لمنازل محدودة أو ضعفها لوقعها في مرتفعات عالية.
وبحسب مدير عام شركة مياه اليرموك المسؤولة عن إدارة المياه في الشمال المهندس حسن الهزايمة فقد تم معالجة هذة الشكاوى بارسال صهاريج خاصة كانت الشركة قد تعاقدت معهم.
وأشار الى التحديات التي تواجه الشركة والمتمثلة بالأعطال والانقطاعات الكهربائية والمعيقات المالية المتمثلة بفاتورة الطاقة التي تشكل عبئا كبيرا، موضحا أن الوضع المائي في محافظات الشمال جيد في ظل محدودية المصادر المائية وتدني انتاج بعضها.
وقال المواطن محمد الشوابكة من سكان الحي الشرقي إن السكان يعانون منذ سنوات من ضعف وصول المياه لمنازلهم في فصل الصيف، مما يضطرهم إلى شراء صهاريج خاصة، فيما أكد المواطن احمد جرادات من سكان بشرى أن المياه تصل ضعيفة لمنازلهم وفي اوقات متأخرة، الأمر الذي يصعب أخذ كفايته من المياه، مشيرا إلى أن جيرانه يلجأون إلى تركيب مضخات على خطوطهم لسحب المياه بشكل أسرع والحصول على كفايتهم، ما يظلم آخرين.
اما محافظة عجلون فقد انخفضت شكاوى المواطنين بخصوص التزود بمياه الشرب بشكل ملحوظ العام الحالي، بحيث اقتصرت على عدد من المناطق في عنجرة وعين البستان وبلدة أوصرة.
ويؤكد السكان في تلك المناطق أن بعص ادوار المياه لديهم كانت تقترب من 3 أسابيع، في حين لا تتجاوز 14 يوما في باقي مناطق المحافظة، عازين ذلك إلى سوء الشبكات وارتفاع نسبة الفاقد فيها.
ويؤكد مدير مياه المحافظة المهندس محمود الطيطي أن المديرية ملتزمة ببرنامج صارم لتوزيع المياه على مناطق المحافظة، بحيث لا تتعدى فترة الدور 14 يوما في جميع الأحوال، مشيرا إلى أن عدد الشكاوى المتعلقة بالمياه انخفضت بشكل كبير،إذ أصبحت لا تتعدى 3 شكاوى في اليوم الواحد.
بيد أن وضع المياه في محافظة جرش يختلف قليلا عن باقي محافظات الشمال، إذ عانت المحافظة قبل نحو شهرين من شح كميات المياه المتوفرة للشرب في العديد من القرى والبلدات بسبب انخفاض الإنتاجية من آبار مشاتل فيصل وانخفاض إنتاج المياه من العيون والينابيع، التي تضخ مياه الشرب في جرش، وفق ما أكده سكان.
وهو ما اقر به مدير مياه جرش المهندس منتصر المومني، مؤكدا ان الوضع المائي في جرش عاد إلى الوضع الجيد، بعد أن تم السيطرة بافتتاح محطة تحلية في آبار مشاتل فيصل وزيادة كمية الضخ لتصل إلى 420 مترا مكعبا في الساعة.
اما محافظة المفرق فالوضع المائي فيها مناسب، بحسب سكان من حيث كميات المياه، التي يتم ضخها للمشتركين بالرغم من الطلب المتزايد على المياه بعد اللجوء السوري وزيادة عدد السكان وما رافقه من التزايد العمراني في مختلف المناطق، وزيادة عدد المشتركين في إدارة مياه المفرق من 33 ألف مشترك إلى زهاء 47 ألف مشترك.
غير أن هناك ملاحظات حول ضعف وصول المياه إلى الطوابق العليا، ووجود منازل جديدة خارج التنظيم تحتاج إلى إيصال المياه إليها.
ويقول علي عيط أن برنامج ضخ المياه يسير بشكل جيد ويتم إيصال كميات مياه كافية للسكان في منطقة ايدون، منوها أن فصل الصيف مر من دون إشكاليات تذكر في جانب المياه.
من جهته أكد مدير إدارة مياه المفرق المهندس علي أبو سماقة أن اللجوء السوري إلى المفرق زاد من الطلب على الاشتراكات الجديدة، مبينا أن الوضع المائي في المفرق جيد وتسير عمليات ضخ المياه إلى المشتركين حسب برنامج توزيع المياه.
ويقول أن نسبة الفاقد في المفرق تصل إلى قرابة 50 %.
بدوره قال مدير إدارة مياه لواء البادية الشمالية الشرقية المهندس مروان تركي إن وجود قرابة 30 إعتداء غير مشروع على محابس المياه منذ بداية العام الحالي ساهم بخلق حالة من ارباك برنامج توزيع المياه حيث أدى ذلك إلى فوات الدور على المناطق التي وقعت فيها الاعتداءات، فضلا عن الإجراءات التي تتبع ذلك من تطلب الصيانة وفرق العمل.
ولا يختلف وضع المياه في محافظة معان عن غيرها من المحافظات إذ عانت بعض المناطق والأحياء السكنية في معان من انقطاعات محدودة وشكاوى فردية في المياه بعكس السنوات السابقة، التي كان يستمر انقطاعها نحو أشهر وأسابيع.
وشكا إبراهيم أبو هلاله ومحمد الشمري من سكان معان ان المياه تصلهم بصورة شحيحة، الأمر الذي يفاقم معاناة المواطنين مع كل فصل صيف.
من جهته، أكد مدير إدارة مياه معان المهندس بلال الدحيات أن المواطن في معان لمس تحسنا كبيرا في التزويد المائي بعد اتخاذ وتوفير حلولا جذرية لكافة الاختلالات التي شهدتها مختلف مناطق المحافظة خلال السنوات الماضية.
وقال إن الوزاره نفذت مشروعات عدة لتطوير وتحديث شبكات المياه والمحطات والآبار، والعمل على استبدال الأنابيب القديمة بخطوط جديدة وتحسين كفاءتها في العديد من مناطق المحافظة، حيث تم ومن خلال دعم حكومي تحسين شبكات المياه الرئيسية والفرعية، إلى جانب حفر آبار جديدة لمختلف مناطق محافظة معان.
وفي الكرك اجمع سكان عديدون أن شكاوى الانقطاع خلال العام الجاري كانت اقل من السنوات السابقة، بسبب زيادة كميات التزود بالمياه لمحافظة الكرك، وخصوصا مع توفير خط تزود جديد لمناطق شمال المحافظة من سد الموجب، بيد أن مدير سلطة المياه بالكرك المهندس سامر المعايطة أكد ان حالة التزود بالمياه بالكرك خلال الموسم الحالي كانت جيدة ولم تحدث أية انقطاعات واسعة للمياه بالمحافظة، لافتا إلى أن فرق الصيانة بالسلطة تعمل طوال الوقت على إصلاح الاعطال الناتجة عن حالات التسرب للمياه بالخطوط، والتي تكسر لاسباب مختلفة حرصا على تخفيض نسبة التسرب من المياه بالمحافظة.
ولا تعاني العقبة واطرافها من انقطاعات في المياه، وفق ما أكده سكان ومدير شركة مياه العقبة المهندس خالد العبيدين، مشيرا إلى أن مدينة العقبة تتزود من مصادر مائية عالية الجودة من خلال 21 بئراً في حوض الديسة المائي الواقع على بعد 325 كم إلى الجنوب من العاصمة عمان.
وأضاف أن منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تتمتع بأهمية استثنائية مستمدة من فلسفة إنشائها المتمثلة في تحويلها إلى مقصد استثماري على البحر الأحمر، وما يتطلبه ذلك من توفير البنى التحتية وخلق البيئة الجاذبة لمختلف القطاعات الاستثمارية للسكان.
اما محافظة مادبا التي شهدت وضعا مائيا مستقرا خلال الصيف، فتعاني من انقطاعات مزمنة في فصل الشتاء على عكس بقية المحافظات، وذلك نتيجة ارتفاع نسبة العكورة التي تحدثها الأمطار الغزيزة في مياه آبار الهيدان، التي تعتمد عليها المحافظة في التزود بالمياه.
بيد أن مدير إدارة مياه المحافظة المهندس أحمد الحياري، أكد انه تم اتخاذ اجراءات احترازية هذا العام لتوفير المياه  للمواطنين، حيث قامت الشركة بتعبئة خمسة خزانات للمياه يبلغ سعة الخزان الواحد نحو 20 ألفا، إضافة إلى تزود من عمان بنحو 1000 إلى 1500 متر مربع في الساعة في حالة توقف ضخ المياه من آبار الهيدان.
فيما تعد محافظة البلقاء التي تشهد استقرارا مائيا وانخفاضا بشكاوى انقطاعات المياه باستثناء ضعف الضخ، من أكبر محافظات المملكة في نسبة فاقد المياه، حيث تجاوزت النسبة بحسب ما افاد مصدر في إدارة سلطة المياه 60 %، والذي عزاه إلى عدة أسباب اهمها عدم تغيير وصيانة الشبكات في المدينة منذ سنوات، بالإضافة إلى وجود إعداد كبيرة من خطوط المياه المكسورة في مختلف المناطق وتحتاج الى كوادر من اجل إصلاح الخطوط وهي غير متوفرة.
وفي الزرقاء تعاني بعض الاحياء والألوية التابعة لها من انقطاع غير منتظم للمياه بالإضافة إلى ضعف وصول المياه إلى مناطقهم في بعض الاحيان، بحسب سكان في الوقت الذي عزا مصدر في مديرية المياه الى اعتداءات قد تتم على الشبكة.
ويقول أحد المواطنين وهو لؤي عودة إن مخيم الزرقاء عانى خلال العام الحالي من انقطاعات متكررة للمياه تسببت في انقطاعها عنهم الى مدة تزيد عن ثلاثة اسابيع مما دفع معظم سكان أهالي المخيم للاعتماد على مياه الصهاريج.
بيد أن المصدر ذاته أكد ان إيصال المياه
لـ أكثر من 180 ألف مشترك في محافظة الزرقاء يشكل تحديا كبيرا لشركة مياهنا التي تدير عقد المحافظة، بسبب الاعتداءات على الشبكة من قبل بعض المواطنين وارتفاع نسبة الفاقد الفني والإداري لأكثر من 50 %.

مقالات ذات صلة