العيسوي… إنصات يصنع فرقًا ومبادرة تحمي لغة الضاد

حرير – شهدنا يوم الثلاثاء الماضي لقاءً مميزًا جمع مجموعة من جماعة عمّان لحوارات المستقبل مع معالي رئيس الديوان الملكي العامر يوسف حسن العيسوي، حيث طُرحت المبادرة الوطنية للدفاع عن اللغة العربية بوصفها مشروعًا وطنيًا يتجاوز حدود الفكرة إلى مسؤولية جماعية تستحق الدعم والرعاية. المبادرة التي يرأس لجنتها العليا دولة فيصل الفايز ويقود عملها الأستاذ بلال حسن التل، تهدف إلى حماية اللغة العربية وتعزيز حضورها في التعليم والإعلام والمجتمع.

منذ الدقائق الأولى للقاء، بدا واضحًا أننا أمام شخصية استثنائية. فقد تجلّى في العيسوي ذلك المزيج النادر من الهدوء والرزانة وحسن الاستماع؛ صفات لا تتكرر كثيرًا في عالم العمل العام. كان منصتًا بتركيز لافت، يمنح المتحدثين وقتهم ومساحتهم، ويستمع إلى التفاصيل بعمق، في إحساس واضح بأن القضية التي نطرحها ليست هامشية بل جزء من مشروع وطني يستحق الرعاية.

ما شدّني بحق هو ذلك الهدوء المطمئن الذي يرافق العيسوي؛ رجل يعمل بصمت، لكن حضوره يفرض احترامه قبل أن ينطق بكلمة. يختار عباراته بعناية، وحين يتحدث تشعر بأن وراء كل جملة خبرة عمر ووعي عميق بمعنى الهوية ودور اللغة في حفظ ذاكرة الناس. هناك شخصيات لا تحتاج إلى أن ترفع صوتها لتُسمع؛ يكفي أن تكون موجودة… والعيسوي من تلك الشخصيات التي تشعر بثقل قيمتها قبل أن تراها.

أما المبادرة الوطنية للدفاع عن اللغة العربية، فهي ليست مجرد تحرك ثقافي، بل مسؤولية وطنية تُنذر بخطر حقيقي يهدد حضور لغة الضاد في مجالات التعليم والإعلام والمجتمع، في زمن تتزايد فيه الضغوط الثقافية واللغوية. وقد أظهرت المناقشات أن المبادرة برعاية الفايز و بإدارة التل، تقوم على رؤية واضحة تهدف إلى إعادة الاعتبار للغتنا، وترسيخ مكانتها بين الأجيال الجديدة، خاصة مع اتساع الفجوة اللغوية لدى الأطفال واليافعين.

ولم يكن اللقاء بروتوكوليًا عابرًا، بل حوارًا عميقًا كشف وجود إرادة وطنية حقيقية لدعم كل جهد يرسخ هويتنا ويحمي لغتنا، ويعزز قدرتنا على مواجهة التحديات الثقافية التي تحاصر المجتمعات الحديثة. فقد بدا العيسوي مُدركًا أن اللغة ليست أداة تواصل فحسب، بل ركيزة أمن ثقافي، ووعاء حضارة، وجسر يصل الماضي بالمستقبل.

مثل هذه المبادرات، حين تجتمع مع شخصيات تؤمن بالحوار وتحترم المعرفة وتدعم العمل الجاد، تمنحنا الأمل بأن الأردن ماضٍ في الحفاظ على جوهره، مهما تغيّرت الأزمنةوتشعّبت التحديات .

مقالات ذات صلة