ليحذر الأردن من هذا الفخ الأمني

ماهر أبو طير

حرير- بدأت المعلومات بالتسرب حول قوة دولية في قطاع غزة بتفويض من مجلس الأمن، وهذه القوة ستكون فخا خطيراً لكل دولة تشارك بها.

في المعلومات التي نشرها موقع اكسيوس الأميركي أن الولايات المتحدة، أرسلت إلى عدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة لا تقل عن عامين، ويهدف إلى منح واشنطن والدول المشاركة الأخرى تفويضا واسعا لإدارة غزة وتوفير الأمن فيها حتى نهاية عام 2027، مع إمكانية تمديد المهمة بعد ذلك، بالتزامن مع ما يسمى مجلس السلام.

قبل ذلك بأيام أكد الأردن وألمانيا، على أن أي قوة دولية يعتزم نشرها في قطاع غزة، بموجب خطة وقف إطلاق النار، يجب أن تستند إلى تفويض صريح من مجلس الأمن الدولي، وقال نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي إن الكل متفق على ضرورة الحصول على تفويض من مجلس الأمن من أجل أن تتمكن قوة الاستقرار من أن تكون فاعلة في أداء مهمتها، داخل قطاع غزة، وجاء هذا الموقف المشترك الذي عبر عنه الصفدي ومعه وزير الخارجية الألماني أيضا خلال مشاركتهما في منتدى حوار المنامة 2025 في العاصمة البحرينية، وبثته وسائل الإعلام يوم السبت الماضي.

الذي فهمناه من موقف الأردن سابقا أن لا نية لمشاركة أردنية في أي قوات داخل قطاع غزة، فيما الخطورة تكمن في الضغط لاحقا على الأردن من أجل المشاركة تحت مظلة مجلس الأمن، من خلال التفويض الدولي، وهذا أمر بالغ الحساسية وعلى الأردن أن يؤكد رفضه له مرارا، خصوصا، لاعتبارات تخص حساسية الوضع الأمني، كما أن هناك دولا إسلامية مستعدة لإرسال قوات، بمعنى أن العقدة ليست عند الأردن حصرا، وهناك بدائل متوفرة في المنطقة.

في سياقات متقاربة تتسرب المعلومات أيضا حول وجود تحفظ إسرائيلي على وجود قوة بتفويض من مجلس الأمن، لأنها كما هو معروف تريد احتلال أرض غزة كاملة، أو تقاسمها، ولا تريد أي قوات دولية تحت رعاية مؤسسات أممية قد تمنعها من التدخل وقتما شاءت في القطاع، على الرغم من أن قوات حفظ السلام والمراقبة في لبنان وسورية أثبتت أن إسرائيل لا تأبه بوجودها أصلا، وتستهدفها.

ما هو أهم اليوم التأكيد على عدم مشاركة الأردن في هكذا قوات حتى لو تحت مظلة مجلس الأمن، فهذه قوة دولية ستكون مهمتها الدخول في مواجهة أمنية وعسكرية مع أهل القطاع، وتنظيمات فيه، ولن يكون غريبا استعمال إسرائيل لميليشيات عميلة لإطلاق النار على القوة الدولية أو التمثيل العربي فيها لغايات خلط الأوراق وإثارة العداوات وفض التعاطف مع غزة، كما أن القوة قد تتحول في توقيت معين إلى قوة لتثبيت حالة الاحتلال، وتنفيذ المشروع الإسرائيلي في القطاع، بما يعني أن أي مشاركة أردنية هنا محفوفة بالكلف والخطر، وسيتم تحميل الأردن تحديدا كلفا ليس مضطرا لحملها.

الجهود الإغاثية الصحية والإنسانية للأردن كانت داخل قطاع غزة تتعرض لاشكالات واتهامات أحيانا، وهناك قوى سياسية في الإقليم كانت تتعمد مس سمعة الأردن ومحاولة تشويه أي مشاركة، لاعتبارات ليس هنا محل ذكرها، فما بالنا حين تكون هناك قوة دولية بتفوض من مجلس الأمن أو حتى بدون تفويض سيكون توصيفها الوظيفي أمنيا لمواجهة أهل غزة، ويتم إدخال الأردن فيها؟!.

الأخطر هنا أن أي محاولة ضغط لاحقة على الأردن إذا مرت كل قصة القوة الدولية بتفويض من مجلس الأمن، احتمال نسخ السيناريو في الضفة الغربية، في مرحلة ما، لا تكون فيه السلطة الفلسطينية موجودة، أو تكون شبه منهارة بحيث يتم اللجوء إلى هذه الوصفة لإدارة الضفة أمنيا، وهو أمر سيكون مدخلا جديدا للضغط على الأردن للزج به من خلال أي قوة دولية في ملف الضفة الغربية بما يعنيه ذلك من اعتبارات.

مقالات ذات صلة