
تصريحات نتنياهو حول الأسرى وخسائر حرب غزة: محاولة يائسة لتغطية الفشل؟
بقلم: المخرج السينمائي يحيى بركات
في ظل اشتداد الأوضاع المتأزمة داخل إسرائيل وخارجها نتيجة الحرب على غزة، برزت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الأسرى الإسرائيليين الذين أطلقتهم المقاومة الفلسطينية. جاءت تصريحاته محمّلة برسائل تهديد صريحة، إذ وصف دماء قادة المقاومة بأنها “مهدورة”، في محاولة يائسة لتقديم صورة “القائد الحازم” أمام الرأي العام، والتغطية على الرسائل الرمزية التي بثّها مهرجان تسليم الأسرى.
رسائل مهرجان تسليم الأسرى
وشعار اليوم التالي يوم فلسطيني
مثّل هذا المهرجان صفعة سياسية وإعلامية لإسرائيل، حيث ظهر الأسرى مرتدين ملابس تدل على احتجازهم في ظروف قاسية، مع علامات واضحة على تدهور حالتهم الصحية. هذه المشاهد لم تكن مجرد صور بل رسائل موجّهة أضعفت الرواية الإسرائيلية التي حاولت التقليل من أهمية الصفقة.
تصعيد خطاب التهديد لتغطية الفشل
سارع مكتب نتنياهو إلى إصدار بيانات متتالية حملت تهديدات متصاعدة للمقاومة، واختتمها رئيس الوزراء بتهديد مباشر بأن “كل الخيارات مطروحة”. إلا أن هذه التهديدات جاءت كغطاء لفشل حكومته في إدارة حرب مدمّرة قوبلت بتنديد دولي واسع بسبب الجرائم المرتكبة في غزة.
خسائر مروّعة وصراع داخلي
زاد الوضع سوءًا الإعلان الصادم لرئيس الأركان إيال زمير عن سقوط 6,000 قتيل وإصابة 71,000 جندي في صفوف الجيش الإسرائيلي، وهي أكبر خسائر تشهدها إسرائيل منذ حرب 1948. هذا الإعلان أشعل موجة غضب شعبي في إسرائيل، حيث خرجت مظاهرات حاشدة تطالب بوقف الحرب ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة.
أزمة ثقة بين القيادة والشعب
تصاعدت الانتقادات الموجهة إلى نتنياهو، الذي بات يُحمَّل مسؤولية إطالة أمد الحرب وتكبيد إسرائيل هذه الخسائر الفادحة. كما كشفت الحرب عن انقسام عميق بين القيادة السياسية والعسكرية، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن ضعف الاستعداد والفشل في تحقيق الأهداف المعلنة.
انعكاسات دولية وتعزيز صورة المقاومة
لم تقتصر التداعيات على الداخل الإسرائيلي؛ فقد أدت الخسائر غير المسبوقة إلى تعزيز صورة المقاومة الفلسطينية كقوة قادرة على إلحاق الهزيمة بإسرائيل. تزايدت الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو لوقف إطلاق النار، مع دعوات دولية تصف الحرب بأنها انتهاك جسيم للقانون الدولي.
نهاية الحرب أم بداية أزمة جديدة؟
مع تزايد الانقسام الداخلي والضغوط الدولية، قد يشير هذا المشهد إلى قرب نهاية الحرب. إلا أن الأزمة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليست مجرد صراع عسكري بل قضية متجذرة تحتاج إلى حلول سياسية وجذرية.
محاولة استنجاد فاشلة
في محاولة للخروج من أزمته السياسية، لجأ نتنياهو إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أوفد مندوبه لدفع اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. غير أن تدخل ترامب أضاف تعقيدًا إلى المشهد بدلاً من حله، ما جعل احتمالات التصعيد مفتوحة.
خاتمة
تصريحات نتنياهو حول الأسرى والإعلان الصادم عن خسائر حرب غزة يعكسان أزمة داخلية خانقة وفشلًا استراتيجيًا كبيرًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يقف اليوم عند مفترق طرق. وبينما تلوح نهاية الحرب في الأفق، فإن احتمالات التوتر والمواجهات قد تظل قائمة لفترة طويلة، تهدد ليس فقط مستقبله السياسي
بل أيضًا استقرار إسرائيل ذاتها.