الرئيس يهدد بالتهجير إلى الأردن

ماهر أبو طير

حرير- عاد الرئيس الأميركي مجددا إلى قصة تهجير الغزيين إلى الأردن ومصر، وتصريحه الجديد، سبق أن تحدث بمثله بعد عودته للحكم.

في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية يقول الرئيس الأميركي عن الغزيين أن الولايات المتحدة الأميركية ستعمل على أن يحصل جميع الأشخاص الذين يعيشون في غزة على منازل لائقة في مختلف أنحاء المنطقة، مصر لديها الكثير من الأراضي، والأردن لديه الكثير من الأراضي” وهذا التصريح يأتي بعد اتفاق وقف النار.

الذي يراقب تصريحات الرئيس الأميركي يكتشف أنه يعتمد أسلوبا يتسم بثلاث سمات، أولها كثرة التصريحات في الطائرة وعلى الأرض وفي الملف وفي مكتبه وفي إجازته فهو الزعيم الأكثر كلاما في العالم، وثانيها أن لا مشكلة لديه في قول الأمر ونقيضه في كل القضايا فقد يقول شيئا ثم يعود ويقول عكسه، ثم يأتينا بتصريح يناقض السابقين، أما السمة الثالثة في تصريحاته فهي سمة الاضطراب المتعمد فهو يصرح بشكل يؤكد انه ليس ضمانة في أي موقف أصلا.

ما سبق يعني أن مخطط التهجير لم ينته، وقد قيل مرارا انه بمجرد الحصول على الأسرى الإسرائيليين الأحياء ستتم العودة إلى المخطط الأصلي أي السطو على أرض القطاع والعمل على تهجير الغزيين بشكل طوعي خصوصا مع بنية القطاع المنهارة، والظروف السيئة.

حين يستشهد أكثر من 80 ألف فلسطيني عشرة آلاف منهم تحت الأنقاض، ويتم تدمير 90 بالمائة من مساكن القطاع، بشكل كلي أو جزئي، لتصبح الأنقاض مشكلة بحاجة في بعض التقديرات إلى 15 سنة لإزالتها، والإعمار بحاجة إلى أكثر من 80 مليار دولار، وهي عملية قد تستغرق 30 سنة في بعض التقديرات بلا مدارس ولا مستشفيات ولا اقتصاد ولا مساكن ولا فرص عمل، تكون واشنطن قد هيأت البيئة لخروج الناس طوعا، مع أول مبادرة سيعلن عنها.

الكلام السابق ليس مطعنا في وطنية الغزيين، فلا أحد يزاود عليهم، لكنهم صنعوا لهم ظرفا يستحيل معه القدرة على العيش، ولن يكون غريبا أن يتم الإعلان عن مبادرات من جانب دول معينة لاستقبال الفلسطينيين، خصوصا، بعض الدول الأفريقية والآسيوية البعيدة، فيما ستخرج أعداد مع فتح معبر رفح ممن لهم قدرة مالية، أو أقارب في الخارج، سيقومون بمساعدتهم للخروج المؤقت في هذا الظرف.

عودة الرئيس الأميركي للتهديد بالتهجير لمصر والأردن، تعني الجوار الجغرافي لقطاع لغزة أي مصر، والجوار الجغرافي للضفة الغربية أي الأردن، وهذا يعني أنه في مرحلة ما سيتم تصنيع ظروف، أو ممارسة الضغط الاقتصادي والعسكري لإجبار البلدين على استضافة فلسطينيين، وإذا كانت الدولتان تعلنان أن التهجير خط أحمر، إلا أن الإدارة الأميركية تلوح بالتهجير، ولا تستمع لكل الاعتراضات التي يعلنها الأردنيون والمصريون وسط هذه الأزمة.

مصلحة الأردن ومصر، منع التهجير بكل الطرق، وتفصلنا أيام فقط عن اتفاق شرم الشيخ الذي تم بموجبه إطلاق سراح الأسرى، والواضح أن إسرائيل لن تتوقف فقد عادت إلى العمليات العسكرية اليومية، والمساعدات لم تتدفق، واغلب الناس ينامون في العراء والشتاء مقبل، بما يؤكد أن كل الاتفاق كان يستهدف إطلاق سراح الأسرى وليس وقف الحرب فعليا، بما يعني أن كل شيء محتمل الآن.

هذا توقيت صعب، لان كل الخيارات أصعب من بعضها، إذ لو توقفت الحرب وتواصل خنق القطاع إنسانيا سنكون أمام سيناريو التهجير وهو ما تريده واشنطن وتل أبيب، وإذا استمرت الحرب على شكل عمليات متقطعة فتلك مأساة ثانية، وإذا عرقلت إسرائيل إدارة القطاع من جانب أي جهة فلسطينية موثوقة، بوجود قوات عربية وإسلامية، تكون قد أعلنت جهارا أنها تريد أرض القطاع للاستيطان.

من المؤكد هنا أن الدول التي رعت اتفاق شرم الشيخ عليها إعلان موقف محدد، لأنه بمجرد إطلاق سراح الأسرى عاد كل شيء إلى طبيعته وربما بشكل أسوأ بما في ذلك تصرفات وتصريحات وتهديدات الضامن الرئيسي أي الرئيس الأميركي في واشنطن.

مقالات ذات صلة