هل ستكون 2026 سنة المشاريع الكبرى؟

سلامة الدرعاوي

حرير- الكل يستشعر بأن الأردن بأمسّ الحاجة لمشاريع كبرى جديدة قادرة على إحداث التغيير الإيجابي في هيكل الاقتصاد الوطني، وتأسيس مرحلة جديدة من الاستدامة في النمو المبني على قواعد راسخة تتناسب مع تحديات المئوية الثانية في عمر المملكة.

أهمية المشاريع الكبرى ليست في حجمها المالي أو الاستثماري، بل في أنها تخلق مناخا اقتصاديا إيجابياً في منطقة ملتهبة كثيرة التغيرات والاضطرابات.

المشاريع الكبرى تؤسس لركائز اقتصادية وشرعنة في زيادة تعزيز الاستقرار، وتمتلك قيمة مضافة عالية للأمن الإستراتيجي للدولة نفسها، لأهميتها الكبيرة في دعم أنشطة إنتاجية وحيوية في المملكة.

الحكومة تعتزم أن يكون عام 2026 نقطة انطلاق فعلية لمجموعة من المشاريع الكبرى، بعد أن خصصت عام 2025 للتحضير الكامل لها، إذ أنجزت الحكومة خلال العام الجاري وثائق العطاءات، واستكملت المستلزمات الفنية والمالية، تمهيدًا لوضع هذه المشاريع على أرض الواقع خلال العام المقبل.

2025 شكل العام التأسيسي لهذه المشاريع، حيث تم إعداد الأرضية التنفيذية اللازمة، وسط تأكيد حكومي على إعطاء هذا الملف أولوية قصوى، إذ إن أغلب العطاءات اقتربت بالفعل من مراحل الإقفال المالي ودراسة الوثائق، فيما بات بعضها على وشك الإغلاق الكامل، ما يعكس جاهزية شبه تامة للانتقال إلى مرحلة التنفيذ.

المشاريع التي يجري التحضير لها تتوزع على خمسة قطاعات حيوية: السكك الحديد، والناقل الوطني للمياه، والطاقة، والغاز، والموانئ، حيث تُقدّر قيمتها الإجمالية بحوالي عشرة مليارات دولار، وهي مشاريع إستراتيجية تستهدف استدامة النمو وتعزيز القدرة الإنتاجية على المدى الطويل.

الحكومة بدأت فعليًا خطوات استكمال الوثائق النهائية اللازمة لهذه المشاريع، وتسعى إلى إنجاز الإغلاق المالي خلال الأشهر القليلة المقبلة، تمهيدًا لوضعها على جدول التنفيذ في 2026، وهذا التوجه يعكس رهانًا واضحًا على أن العام المقبل سيكون عامًا مفصليًا في مسار التنمية الاقتصادية.

الأهمية الخاصة لهذه المشاريع تنبع من طبيعتها المتصلة مباشرة بالمياه والطاقة والنقل، وهي قطاعات ترتبط بتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتوفير بنية تحتية تدعم الاستقرار والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى قدرتها على جذب استثمارات جديدة، وتنشيط بيئة الإنتاج، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة وأن جزءًا كبيرًا منها تم التفاهم عليه مع مستثمرين.

ما يميز هذه المشاريع أنها لا تندرج ضمن القطاعات التقليدية بل هي مشاريع إستراتيجية، وتمثل مرحلة تأسيسية جديدة في الاقتصاد الوطني، متصلة برؤية الدولة للمئوية الثانية، ما يعزز من بعدها الإستراتيجي ويعطيها وزنًا خاصًا في خريطة التنمية.

من هنا، يعد السؤال “هل ستكون 2026 سنة المشاريع الكبرى؟” مطروحًا بشكل أقرب إلى رهان فعلي يعتمد على الإرادة، والجاهزية الفنية، ومدى التزام الحكومة بترجمة هذه الخطط إلى واقع ملموس.

المرحلة المقبلة لا تتعلق بطرح مشاريع فقط، بل ببدء تنفيذها، وتحقيق التحول النوعي المأمول في بنية الاقتصاد الوطني.

2026 تقترب، ونحن ننتظر أن تكون فعلًا سنة المشاريع الكبرى، وإذا ما تم ذلك، فستكون هذه الحكومة هي حكومة المشاريع الكبرى.

مقالات ذات صلة