إنها أكثر من إبادة “2”

حاتم الكسواني

نحن اعطيناكم السلاح وقد احسنتم إستخدامه .

هكذا أكد الرئيس الأمريكي ترامب شراكته وشراكة بلاده في إراقة كل قطرة دم لاطفال ونساء وشيوخ غزة خلال عمر أيام الإبادة …. ويُستقبل القاتل صانع الهولوكوست الفلسطيني ومانحُ القدس والجولان والضفة الغربية  للكيان الصهيوني بالتبجيل والإطراء على أرض العرب وسط مظاهر إحتفالية لا تنظم إلا لفاتح .

ولكن الصورة التي يجب أن لاتغيب عن عيون العالم وشعوبه هي مظاهر المحرقة الفلسطينية ويومياتها وتفاصيلها قبل أن يعمد ترامب ونتنياهو وامثالهما إلى تغييبها  والحصول على براءة ذمة عن إرتكابها ..  فهذا سيكون هدفهم وهم بارعون بذلك  .

المحرقة ارتكبها نتنياهو بدعم من ترامب و المؤيدين و الصامتين والمتخاذلين … وإلصهيونية العالمية منظمة إجرامية  معادلة  للنازية … ومعاداة السامية معاداة للهوية والوجود الفلسطيني … هذه مهمتنا القادمة التي تتمثل في تأكيد هذه الحقائق   في المحافل السياسية وعلى صفحات وشاشات واثير كل وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي العربية والدولية .. فهذا واجب وطني وإنساني وعالمي مفروض علينا من يومنا هذا إلى أن يرث الله الأرض وماعليها .

خطاب ترامب كان تعمية للحقيقة وبلطجة أمريكية التفت فيها  لعشرات الأسرى الإسرائيليين  ، وغض البصر عن عشرات آلاف القتلى وعشرات آلاف المفقودين  الفلسطينيين  بفعل الإبادة الجماعية ، وآلاف المعتقلين المحكومين جورا من قبل محاكم القهر الصهيوني .

مطلوب منا في المرحلة القادمة توثيق أشكال الإبادة واهوالها بعقد المؤتمرات والندوات وتنظيم المعارض وإنتاج الأفلام  التي تبين ما نتج عنها،  وعلينا تسجيل شهادات حية للناجين المقطعة اطرافهم ، والناجين الميتمين ، والناجين لوحدهم من بين إعداد أسرهم الكبيرة الممتدة،  علينا أن نرصد بكاميراتنا كل الدمار وكل هيكل عظمي بقي تحت الركام وكل جسد قطعته آلة الحرب الصهيوني تقطيعا ، وعلينا أن نوثق أماكن المساجد والمدارس والمرافق الصحية والرياضية والجامعات والاماكن السياحية والتاريخية والمراكز الثقافية ” المسارح والنوادي و دور السينما  ” والمؤسسات الحكومية و اذرعها الخدمية. بالإضافة إلى توثيق ورصد المواقع السياحية من مطاعم وفنادق وملاهي … وغيرها الكثير الكثير التي مسحت كلها عن وجه الأرض وقتل كل روادها ومستخدميها .

وفيمايلي بعض ما تمخض عنه الهولوكوست الفلسطيني بيد النازي الصهيوني قيادة وجيشا وشعبا وعلى رأسهم من بز هتلر بإجرامه ( بنيامين نتنياهو  ) فهتلر قتل وعسف بالبشر. اما نتنياهو فلم يبقي هو وجيشه شيئا على وجه الأرض إلا ودمره تماما كقطعان الحيوانات الهائجة التي تدوس كل شيئٍ في طريقها :

– بحسب تقارير الحالات الإنسانية التي تُوثّقها الأمم المتحدة اعتمادًا على بيانات وزارة الصحة في غزة وسجلات أخرى، قُدّر عدد القتلى الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 حتى تحديثات أكتوبر 2025 بنحو 67,000 قتيلاً وآلاف الجرحى، مع تباينات طفيفة بين المصادر حول الأرقام الدقيقة.

– إجمالي المتفجرات المفجرة في غزة خلال عامين يقدّر بحوالي 200,000 طن رقماً يعادل تقريباً 13.3 من القنابل النووية
ذات التأثير المماثل لقنبلة هيروشيما…
بعبارة أوضح الأثر التدميري خلال عامين
يعادل تكرار هجوم نووي كبير 13 مرة .

– 90 % ,من ا لبنية التحتية دمر
–  تدمير 300000 وحدة سكنية .

– استشهاد 255 صحفيا بما فيهم الشهيد صالح الجعفراوي

– 8000 شهيد من الطواقم الحكومية .

– 400 رياضي وتدمير ما يزيد عن 40 منشأة رياضية

واستهدف العدو الصهيوني تدمير خزانات المياه المركزية وابار المياه وخطوط إمدادها للموطن الغزي ، كما أستهدف تجريف الأراضي والمؤسسات والأسواق،الزراعية بهدف إنجاح سياسات التعطيش و التجويع التي أعلن عنها .
وعمل العدو الصهيوني وجيشه الهمجي على تدمير المؤسسات الرياضية ”  النوادي والملاعب و المؤسسات كما استهدف الرياضيين الغزيين الذين قضوا شهداء في عملية الإبادة الجماعية التي تم تنفيذها من قبله ضد السكان  هناك .
وقد كان من أخطر أهداف الإبادة الجماعية للعدو الصهيوني الإبادة التعليمية التي تمثلت بتدمير كل المدارس ، والمعاهد ،  ومراكز التعليم ، والتدريب الأكاديمي والمهني ، والجامعات بصورة مقصودة وممنهجة بالإضافة إلى ما ادت إليه عملية الإبادة البشرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي الصهيوني بطائراته ودباباته ومدافعه وصواريخه الثقيلة من قتل وتقطيع آلاف الطلبة من سن الطفولة إلى الجالسين على مقاعد الدراسة الجامعية من الجنسين .

أيضا سجلت عملية الإبادة الشاملة التي خططت لها ونفذتها العقلية الصهيونية المريضة تنفيذ شكل من اشكال الإبادة التترية التي تمثلت  بما يمكن أن نطلق عليه

” الإبادة الثقافية ” التي استهدفت تدمير كل المعالم والمؤسسات والاماكن التي تشكل تاريخ وثقافة غزة وسرقتها او مسحها عن وجه الأرض حتى تبدو غزة كمكان لم يشهد الحياة في أي زمن قبل زمن الإبادة فمثلا قام الإحتلال بتدمير المسجد العمري الكبير الذي يعتبر اقدم معالم غزة وثالث اكبر مسجد في فلسطين بعد المسجد الأقصى ومسجد الجزار في عكا ، كما دمر الإحتلال المسجد الصغير ، ومسجد المحكمة ومسجد مقام رأس الحسين في عسقلان ،  وكل مساجد قطاع غزة فتلك المساجد كانت شاهدا على عصور الحضارة التي مرت بها غزة وهي أيضا  من قامت بتربية الأجيال الغزية  على قيم الجهاد والتضحية وحب الوطن والتمسك بالحرية ، ناهيك عن تدمير الجيش الهمجي للعدو الصهيوني للمقامات القديمة التي تزخر بها مدينة غزة ، كما قصد تدمير و طمس شواهدها .
ولم تسلم كنائس غزة ومؤسساتها الصحية  من التدمير أيضا فدمر الإحتلال  الكنيسة المعمدانية والمستشفى التابع لها .
ودمر العدو الصهيوني 20 مركزا ثقافيا كان من أشهرها وأهمها مركز التخطيط الفلسطيني ، ودمر  أكثر من 146بيتا أثريًا من بيوت غزة  .
كما دمر الإحتلال 90 مكتبة من مكتبات غزة ،  واتلف أو سرق  أكثر من 800 مخطوطة من مخطوطات غزة ، بصورة تستحضر في أذهاننا دخول المغول إلى بغداد عام  1258م وتدمير مكتبتها بإلقاء محتوياتها من الكتب في مياه دجلة .
نعم انه الحقد الصهيوني على ماحققه أبناء غزة من تقدم في مجالات العلوم الطبية والهندسية ومجال الصناعات العسكرية التي شكلت أدواتهم التي استخدموها في معركة طوفان الأقصى و مقاومة قوات الإحتلال الصهيوني داخل مناطق قطاع غزة  ، وما حققوه من إستصلاح زراعي  سد حاجات القطاع من السلع الزراعية والغذائية طوال رزوح غزة تحت الحصار .
وإيغالا في إنتقامه من العلماء والعقول الغزية فقد استهدف العدو الصهيوني الكوادر البشرية المبدعة في قطاع غزة فأغتال عشرات من العلماء والأساتذة الجامعيين و 25 كاتبا فلسطينيا و30 فنانا تشكيليا و10 موسيقيين ،  كما دفع الإحتلال الصهيوني  أكثر من  200 كاتبٍ و50 فنان غزي إلى النزوح من غزة  .
إذن هي عملية إبادة جماعية نفذها الجيش الإسرائيلي الصهيوني بكل نازية وهمجية دون أن يحسب حساب المواثيق والقوانين الدولية ولا مؤسسات ومنظمات وهيبة  هيئة الأمم المتحدة التي صوت مجلس نوابه ” الكنيست ” بمنع منظمة  الأمم المتحدة لرعاية وتشغيل  اللاجئين الفلسطينيين ” الانروا ” من مزاولة أعمالها داخل الأراضي الفلسطينية .
هي عملية إبادة شاملة طالت كل القطاعات وكل أشكال الحياة واسبابها ، وبكل عنصرية وحقد ديني تلمودي ودون أن يرمش لأفراد جيشه التتري اي جفن .

وعمدت قوات الإحتلال الصهيوني إلى تهجير 2 مليون شخص فلسطيني من سكان غزة  من مناطق إقامتهم إلى أخرى  عشرات المرات  .

إنها إذن أكثر من إبادة لأنها طالت البشر والحجر والشجر وكل القيم الإنسانية  والمواثيق الدولية .

مقالات ذات صلة