
١٠٠ ٪ في التوجيهي و سرقة البريزة
بقلم يحيى صافي
بريزة ماسكة:
عن السرقات البريئة
في أغلب ديمقراطيات العالم يفوز الحزب بمقاعد الأغلبية في البرلمان، ويشكل الحكومة، ويزيد عدد مناصريه، وخصومه أيضاً… فلا فساد ولا سرقة مال عام، ولا ما يحزنون.
في الأردن فقط: يفوز الفرد بمقعد في البرلمان أو يلعب معه الزهر فينعم عليه رب العرش ويصير وزيراً في الحكومة، فيصبح له حزب خاص، وأنصار، وخصوم سياسيين… فيكثر الفساد، والفاسدين، والسطو على المال العام، ويكثر السارقون.
أتذكر في طفولة بائسة كنت بسأل أمي أسئلة جدلية كتلك التي تسأل عن ماهية الله:
– لو جبت ٩٨ في التوجيهي شو رح اصير
– يمكن تصير دكتور، زي الدكتور رمزي عازر.. تجيب وإيدها على خدها، أنه يارب صبرني على هالخلفة.
– طيب لو جبت ٩٩؟!
– أنداري يمه، وزير يمكن… لم تكن صفية تهتم بأسماء الوزراء.!
– طب يمه لو جبت ١٠٠ من مية… بصير ملك.
تتنهد، وأتنهد، وتتنهد معنا البراكية، ثم تأمرني أن أذهب حالاً لكي أحضر ربع كاز من دكانة ابونجاح عشان تحط طنجرة العدس عالبابور:
– يللا يا ملك، إلبس جزمتك، ونط عأبونجاح هاتنا كاز.
الٱن وأنا استحضر أمي والبراكية ودكانة وابونجاح التي كانت أقرب ما تكون لدولة نفطية أو حقل شاسع مليء بملبس القضامة، اتذكر في صباح ماطر، صحوت بينما كان الجميع يغط في نوم وديع تحت دلف الزينكو المهضوم، وايقاع المطر الرتيب، ولا أدري أي فكرة خرقاء تلك التي كادت أن تؤدي بي لجريمة الله وحده يعلم عواقبها، فقد هف على نفسي بسكوتة ويڤر ( هاواي) مع أني عادة أصحو بلا شهوات عدا عن شهوة عدم الذهاب للمدرسة، وتلك شهوة عارمة تٓمٓحْنٓ لها ٩٩٪ من الشعب الأردني في زمن الطفولة .
في الحال، وبدون سابق إصرار وترصد، قمت فتحت جرار الخزانة برجلي وانا لا زلت مستلقي، فقد كان فراشي الذي أتقاسمه مع ثلة من حرس الشرف إلى جانب الخزانة، ولما استجاب الجرار، نهضت ومددت يدي لجزدان صفية المركزي حيث أموال الشعب، معروف مخابيها.. وبدون وعي لما يحدث، سلتت “قرش” وهذا كل مغنمي وربما مغرمي بعد ذلك… وبسرعة كلب سَلَق ركضت نحو دكانة أبونجاح النفطية، كان يادوب قد فتح الدكان:
– أعطيني بسكوتة هاواي… مددت يدي لأنقده القرش، ولما فتحت يدي الراجفة في اللحظة التي مد يده لي اكتشفت الصاعقة التي أصابتني، وجعلتني لا أعرف كيف أتصرف، هل أوغل في الجريمة، ويجعل ما حدا حَوَش، أم أتراجع وألملم خيبتي المبعثرة أمام أبونجاح الذي كان يبحلق فيّ حائراً من حيرتي وخيبتي الخرقاء.
المال المسروق لم يكن قرش، كانت بريزة/ عشر قروش ماسكة بكامل قوتها وصمودها الأسطوري أمام سلة عملات.
أي خيبة تلك، سرقة تفوق مطمحي ب١٠ أضعاف، سرقة لو انكشف كنت رحت في وصمة سرقة أبدية، وحتماً سوف تنكشف، وربما نصف المخيم الجنوبي سوف يسمع بها وربما تعلن على وسائل السوشيال ميديا أنذاك تلك التي كان يغذيها ابونجاح ذاته، ونسوة الحارة الثرثارات.
أقفلت يدي على خيبتي، وعلى اموال الشعب، وركضت إلى حيث جزدان صفية المركزي وحمدت الله أن لازال الجميع نيام، أرجعت البريزة، وأحساس مز يشبه طعم الخل كان يعتريني احساس يختلط به الخجل من فعلتي الشأنه لاشك، والخيبة، والخشية من أن أبونجاح سوف يبلغ صفية بأني حضرت إليه ومعي بيرزة ماسكة.
* مخيم البقعة يوماً ما