هل ستتوقف الحرب حقا؟

ماهر أبو طير

حرير- ردّت حركة حماس بالموافقة على خطة ترامب، لكن ذات الموافقة وعبر البيان الصادر حملت إشارات غامضة وغير نهائية تماما.

كثير من التفاصيل سيتم ترحيلها إلى جلسات المفاوضات وهناك قد يعبث رئيس الحكومة الإسرائيلية من أجل نسف الصفقة من الداخل، فهو لا يريدها أصلا، ويريد أن يأتي الرفض من جانب حركة حماس.

ما فعلته المقاومة كان حسنا، لأن الأهم هو توقف الحرب، لكن بيان حركة حماس لم يتحدث بالتفصيل عن ملفات محددة مثل نزع سلاح الحركة، أو مغادرة قادة الحركة للقطاع، أو إعطاء الأمان للمقاتلين في القطاع، إضافة إلى ما يتعلق بهوية الذي سيحكم غزة وهل سيكون طرفا فلسطينيا كما أشارت الحركة أم بوجود مجلس السلام بإشراف الأميركيين ورئاسة البريطانيين كما أن الحركة شددت مرتين في بيانها على التوافق الوطني الفلسطيني تجاه أكثر من قضية والذي أعلنت أنها ستكون جزءا منه، في الوقت الذي لا يريدها الاحتلال ولا الجانب الأميركي ولا حتى سلطة أوسلو أيضا التي لا يريدها الإسرائيليون ولا الأميركان حتى هذه اللحظة في أي موقع.

الغدر الإسرائيلي الذي شهدناه في المرحلة الثانية من الهدنة الأخيرة التي انتهكتها إسرائيل وعادت إلى الحرب، قد يتكرر هذه المرة لأن الاحتلال يريد أسراه فقط من كل الصفقة، فيما اليمين الإسرائيلي يريد تدمير كل القطاع وتهجير الفلسطينيين، والاستيطان مجددا داخل القطاع، والدخول لاحقا إلى ملف الضفة الغربية والقدس.

الأسئلة تتنزل حول الضمانات ألا يغدر الجانب الإسرائيلي مجددا بعد الحصول على أسراه دفعة واحدة بأي ذريعة كانت، كما أن نتنياهو يتوسل صورة النصر، أي صورة عودة الأسرى، ومقابلها صورة تسليم أسلحة حماس إلى أي طرف، ليقول إن حماس تمت هزيمتها، برغم معرفته أن المقاومة في الأساس فكرة لا تتبدد من خلال تنظيم واحد، مثلما أن لا ضمانات أصلا بتسليم كل السلاح، وعدم وجود مخازن سرية، ولا ضمانات أصلا بعدم تهريب سلاح مجددا لداخل القطاع، وهذا يعني أن الضغط لتسليم السلاح مجرد هدف دعائي للاحتلال، من أجل تحقيق شكل من الحرب المعنوية.

كل هذا يقول إن الحرب لم تنته تماما، إذ إن احتمالات إفشال الصفقة واردة على يد الاحتلال، خصوصا، أن حماس ألقت الكرة اليوم في ملعب الاحتلال، الذي يديره اليمين الإسرائيلي، فيما كانت التقديرات الإسرائيلية تتحدث عن رفض محتمل من جانب حماس لكل الصفقة، وجاء رد الحركة تفصيليا لا ينقصه الذكاء السياسي ونقل المعركة إلى داخل الاحتلال بما سيثبت للعالم أن أصل البلاء في الاحتلال.

هناك تيار عربي يتاجر بدم الفلسطينيين ويتباكى عليهم ويقول إن حماس دمرت القطاع، ولو وافقت مبكرا على كل الهدن لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وهؤلاء يتجاوزون أصلا في مساحاتهم لأن القرار يرتبط بالميدان وليس بمن يطلقون النصائح من بعيد، كما أن خذلان الفلسطينيين طوال عامين هو الذي أدى إلى هذه النتيجة، ونعرف جميعا أن خسائر الاحتلال في الحرب مخفية في أغلبها حتى لا يواصل البعض الاستثمار المغرض في دماء الفلسطينيين للقول إن مقاومة الاحتلال جرت الويلات على قطاع غزة، ويتعامى هؤلاء عما يجري في الضفة الغربية من قتل، برغم عدم وجود مقاومة.

ما هو مهم اليوم وقف الحرب، وفتح بوابات المساعدات وإعادة إعمار القطاع، ومنع تدويل قطاع غزة، خصوصا أن الرئيس الأميركي قال قبل يومين إنه حصل على غزة، ولهذا فإن هذه الصفقة إذا انتهت مستهدفاتها بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين فقط، فسنعود إلى المربع الأول، أي للحرب مجددا، فيما قبولها بشكل حرفي عبر جلسات المفاوضات له كلفته الأخطر، لانه سيفرض قواعد جديدة على جغرافيا القطاع، وهوية الطرف الحاكم، وما يتعلق بالتهجير الطوعي دون إجبار من خلال عروض الهجرة التي سنسمعها قريبا.

في كل الأحوال نحن أمام مرحلة جديدة في قطاع غزة، سواء توقفت الحرب أم لم تتوقف، وعلينا في الحالتين فتح أعيننا على المرحلة المقبلة من المشروع الإسرائيلي وإلى أين سيمتد؟.

علينا انتظار تفاصيل التفاوض لنعرف مصير الحرب، مع الإدراك أن الاتصالات السرية تقود هذه المرحلة وتتحكم بكل شيء.

مقالات ذات صلة