
قصتي مع الباركنسون… من الوعي إلى الرسالة
أيمن البلبيسي/ المدير التنفيذي لجمعية العناية بمرضى الباركنسون - الاردن
لم أكن في يوم من الأيام أتصوّر أن حياتي بعد التقاعد ستأخذ منحى مختلفًا، يقودني إلى عالم لم أكن أعرف عنه سوى الاسم. لم أكن مصابًا بالباركنسون، لكن علاقتي العائلية والإنسانية مع قريبي ورئيس جمعيتنا السيد خليل أبو لبن فتحت أمامي أبوابًا جديدة من الوعي والفهم، ووضعتني أمام مسؤولية لم أتوقعها.
على الرغم من أن خليل ابن خالتي، إلا أن معرفتي بمرضه لم تتجاوز في البداية مجرد العنوان. لم أكن أدرك ماذا يعني الباركنسون، ولا ما يسببه من أعراض ومعاناة يومية للمصاب وأسرته. لكن لقاءاتنا بعد تقاعدي، وجلساتنا المطوّلة، جعلتني أستمع وأتأمل… هناك إنسان يقاوم بصمت، يحلم أن يترك أثرًا، ويحوّل تجربته الشخصية إلى رسالة. ومن هنا وُلدت الفكرة.
كان خليل مؤمنًا بضرورة إنشاء حاضنة او كيان قانوني يخدم مرضى الباركنسون في الأردن، كيان يرفع الصوت، ويوفر التثقيف والتوعية، ويكون ملاذًا لكل مريض وعائلته. وجد في داخلي الشريك والداعم، ووجدت في رؤيته دافعًا أكبر لأن أضع خبرتي وتجربتي العملية في خدمة هذه القضية.
سرنا معًا في الطريق، جمعنا شخصيات وطنية وعلمية مرموقة وتشرفنا بهم ليكونوا نواة الهيئة التأسيسية، وتقدمنا للحصول على الترخيص من وزارة التنمية الاجتماعية، إلى أن حملنا بكل فخر شهادة ميلاد جمعية العناية بمرضى الباركنسون في الأردن في اليوم 22 من شهر شباط من عام 2023م.
لكن البداية لم تكن مجرد ورق ورخصة… بل كانت رحلة وعي داخلي. فمع الوقت، ومع كل لقاء مع مريض، ومع كل حوار مع عائلة، اكتشفت حجم المعاناة التي يخلفها هذا المرض. رأيت الألم، الارتباك، الحاجة الماسة إلى المعلومة الصحيحة، وإلى الدعم النفسي والاجتماعي. ومن هنا، اتخذت قراري: أن أتفرغ لهذه القضية دون مقابل، وأن أجعلها رسالة شخصية قبل أن تكون مسؤولية وظيفية.
لقد قادني الباركنسون، وأنا غير مصاب به، إلى رحلة إنسانية غنية. رحلة من الجهل إلى المعرفة، من المشاهدة إلى الفعل، ومن التعاطف إلى الالتزام. واليوم، وأنا أكتب هذه الكلمات بصفتي المدير التنفيذي للجمعية، أرى أن هذه المسيرة لم تغيّرني فقط، بل أعطتني فرصة أن أكون جزءًا من تغيير حقيقي في حياة الآخرين.
نحن اليوم لا نمثل أنفسنا فقط، بل نمثل آلاف المرضى وعائلاتهم. نحمل أصواتهم، ونبني على المعرفة والبحث والجهد المتواصل خطط عمل واضحة، لنصنع فارقًا، ولنجعل من الباركنسون قضية مجتمعية تتطلب التفهم والدعم، لا مجرد تشخيص طبي.
إنها قصة إنسانية قبل أن تكون قصة مؤسسة… قصة شراكة بين معاناة وتجربة من جهة، وإرادة ورغبة في العطاء من جهة أخرى. وما زلنا نسير بخطى ثابتة، مؤمنين أن خدمة الإنسان هي أعظم الرسائل، وأن الوعي هو الطريق الأول للتغيير.
أيمن البلبيسي
المدير التنفيذي
جمعية العناية بمرضى الباركنسون – الأردن
Parkinsons.jordan@gmail.com
Mobile: 0792100103
مرض باركنسون “الشلل الرعاش”:
يُعدّ مرض باركنسون من الأمراض العصبية المزمنة التي تصيب الجهاز العصبي المركزي وتؤثر بشكل رئيسي على الحركة، حيث يعاني المرضى من أعراض متعددة تشمل: الرعشة، التصلب، بطء الحركة، صعوبة التوازن، إضافة إلى الأعراض النفسية والسلوكية مثل الاكتئاب واضطرابات النوم. ومع تقدم المرض، تصبح حياة المريض أكثر تعقيدًا، ويزداد اعتماده على الآخرين في تسيير أمور حياته اليومية.
جمعية العناية بمرضى الباركنسون – الأردن:
تأسست جمعية العناية بمرضى الباركنسون – الأردن بترخيص من وزارة التنمية الاجتماعية بتاريخ 22/2/2023م ، على يد مجموعة من القامات الوطنية والعلمية، بهدف تقديم الرعاية والدعم لمرضى الباركنسون وعائلاتهم. الجمعية تدير برامج متكاملة تشمل:
• التوعية الصحية والإرشاد الطبي.
• الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وأسرهم.
• متابعة العلاج الطبي والوظيفي والكلامي والتغذوية وغيرها من احتياجات الخطة العلاجية للمريض.
• تقديم بعض الاحتياجات الطبية الأساسية وتنظيم نشاطات مجتمعية.