الطريقة الأسهل والأسرع للقضاء على حماس!

محمد عايش

حرير- تخوض قوات الاحتلال الإسرائيلي حرباً ضروساً منذ عامين كاملين، أحرقت خلالها قطاع غزة بالكامل، وقامت بتدميره وما تركت فيه حجراً على حجر، وذلك من أجل القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة، وتأمين المناطق الإسرائيلية القريبة، وما زال الإسرائيليون يفشلون في تحقيق هذا الهدف، علماً بأنه كان من الممكن أن يتحقق دون إراقة كل هذه الدماء.

القضاء على حركة حماس ووجودها وما معها من فصائل مسلحة، سيحدث بشكل تلقائي في حال تحقق شرطان، وهما: إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية؛ ففي حال تحقق ذلك ستنتفي بالضرورة الحاجة لوجود أي من فصائل المقاومة، وسوف ينتهي وجودها، أما ما دام الاحتلالُ قائماً فالتجارب تشير إلى أنه كلما انتهى جيل من الفلسطينيين المقاومين، فإن جيلاً جديداً سيظهر ولو بعد حين.

لو كان من الممكن القضاء على المقاومة الفلسطينية باستخدام القوة المفرطة، لحدث ذلك في عام 2002 و2003، عندما استخدم أرييل شارون الحد الأقصى من العنف ضد الفلسطينيين، وشنَّت إسرائيل حينها موجة اغتيالات استأصلت بشكل كامل تقريباً قيادة حماس، وقيل حينها، إن الحركة انتهت، وإن عملية «السور الواقي» نجحت في توجيه ضربة لن تقوم بعدها قائمة للفصائل الفلسطينية المسلحة، لكن سرعان ما أثبتت السنوات اللاحقة عدم صحة ما روج له شارون، بل إن شارون نفسه انتهى ومات، واستطاعت حماس تجديد نفسها بعد ذلك. وحتى لو انتهت حركة حماس كنظام حكم في غزة، وحركة مسلحة في المشهد الفلسطيني، فإن السنوات المقبلة ستكون كفيلة بأن يظهر بديل لها، وهذا ما حدث في السابق خلال العقود السبعة التي مضت، الأمر الذي يؤكد أن هذه ظاهرة لا يُمكن القضاء عليها باستخدام القوة المسلحة وبالمواجهة العسكرية المباشرة، ودليل ذلك أيضاً أن إسرائيل استطاعت أن تتغلب على ثلاث دول عربية في ستة أيام فقط. وعليه فإنَّ الوصفة الوحيدة لإنهاء وجود الحركات الفلسطينية المسلحة، التي يُمكن أن تنجح هي، إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تُشارك فيها أطياف الشعب الفلسطيني كافة، وتصبح المظلة الجامعة لهم، وعندها سوف تنتفي الحاجة لوجود هذه المنظمات، وسوف يُصبح الحال في الدولة الفلسطينية مشابهاً للوضع في الدول العربية الأخرى.

أما المقترح الذي تسرب مؤخراً عن «سلطة انتقالية دولية» في غزة، قد يكون على رأسها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، فهذا لا يعدو أن يكون مشروعاً جديداً للانتداب على فلسطين، وتثبيت أركان الاحتلال، وتحقيق مصالحه وأهدافه في قطاع غزة، التي لم ينجح في تحقيقها عبر الحرب. وهذا المشروع الذي تسرَّب مؤخراً (أي مشروع بلير) يحملُ في طياته جملة من الدلالات بالغة الأهمية، أولها أنه في حال تبنته الإدارة الأمريكية، فهذا يعني بالضرورة أن واشنطن تخلت عن السلطة الفلسطينية وعن مشروعها بشكل كامل، ولم تعد تعترف بها ولا برئيسها محمود عباس، إذ أن تسليم غزة لأي جهة أخرى غير رام الله ليس له أي معنى آخر. وهذا يفتح الباب واسعاً أمام سؤال: ما مستقبل الضفة الغربية؟ وهل انتهت السلطة الفلسطينية تماماً؟ أمَّا الدلالة الأخرى لهذا المشروع فهي أن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة، تريدان إبعاد الفلسطينيين عن إقامة دولتهم المستقلة، لا تقريبهم من ذلك، وهذا سيُشعل مزيداً من الغضب الفلسطيني بما يعني الابتعاد أكثر عن السلام والهدوء والاستمرار في إشعال المنطقة أكثر فأكثر، وهذه أحداث قد تتوسع وتمتد نحو دول أخرى وتهدد استقرار المنطقة بأكملها.

ثمة الكثير من التفاصيل والدلالات الأخرى لمشروع بلير المطروح لإنهاء الحرب على غزة، لكنَّ المؤكد أن هذا المشروع ليس حلاً مثالياً لهذه الحرب، بل إنه سيؤدي إلى تعميق الانقسام بين الضفة وغزة، وزيادة الشعور لدى الفلسطينيين بوجود الاحتلال وسيطرته على حياتهم اليومية بشكل مباشر، كما إنه سيشيع حالة من التشاؤم تجاه مستقبل الضفة والسلطة، ومشروع إقامة الدولة الفلسطينية، وكل هذه هي عوامل لزيادة الغضب والعنف وليس التهدئة.

مقالات ذات صلة