اقتراحات شعبية للحكومة.. إبراهيم غرايبة

“المشكلة الأكثر ضررا في الاهتمام بقضايا أكثر مما تستحق أنها تخفي عن الاهتمام مشكلات حقيقية تواجهنا.” تشارلز تيلور

تبالغ الحكومة بالهروب والتهرب من استحقاقات عملها وغاياتها الأصلية، لكنها أيضا لا تتقن الهروب، فبعد العروض الإعلامية والحوارات الخاوية، تطرح مشروعا سياسيا وقانونا جديدا للانتخاب تزعم أنه يمهد لحكومة برلمانية، ويبدو أن الحكومة مستعدة لفعل أي شيء غير واجباتها الموكولة إليها، وربما تفكر في مشروعات عظيمة للوحدة العربية والإسلامية، وبعد قانون الزكاة، يمكن أن تشتغل بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم والسنة النبوية، وفضل الصلاة على النبي!

جميع الحكومات السابقة دخلت في عمليات إعلامية حول قانون الانتخاب، أو تقديم الإصلاح وكأنه قانون الانتخاب، وفي النهاية لم نحصل على قانون انتخاب منطقي وملائم، بل إن الذكاء الحكومي تفتق عن قوانين سيكوباثية، ولم يكن لدى الحكومة في الحقيقة ما تفعله او تنجزه سوى الوهم والفراغ وتمضية الوقت.

تستطيع الحكومة بما أنها  -شأن جميع الحكومات- مولعة بإنجازات سريعة وإعلامية أن تفعل أشياء كثيرة جدا مفيدة للتسويق وتقع في مجال مسؤولياتها المفترضة، ويمكن على سبيل المثال اقتراح مجموعة من المبادرات والمشروعات في هذا المجال…

يمكن لدولة الرئيس ويرافقه مجموعة من الوزراء والناشطين والإعلاميين أن يمضوا ساعتين من الزمان برفقة عمال الوطن ومشاركتهم عملهم ولباسهم أيضا ووجبة غداء ميدانية، وفي أثناء ذلك سيتعرف دولة الرئيس على كثير من هموم وأفكار فئات من المواطنين وكيف تدبر حياتها وتؤدي واجباتها واعمالها.

ويمكن لوزراء العمل والشؤون الاجتماعية مع فريق من المتطوعين والإعلاميين أن يمضوا ساعات في مطاعم شعبية ويشاركوا في تقديم الوجبات والخدمات للزبائن. ويمكن للرئيس وفي تظاهرة اجتماعية يشارك فيها الشباب والصبايا المشي لساعتين من الزمن في شوارع عمان، وملاحظة إلى أي حد تصلح عمان للحياة والمشي، وملاءمة الأرصفة والشوارع للمواطنين والاطفال وكبار السن، ومعاينة الاعتداءات الكبيرة والكثيرة جدا على الأرصفة والفضاءات والارتدادات، والمخالفات الأخلاقية والقانونية لأنظمة البناء والتخطيط الحضري.

ويمكن لوزير الزراعة مع فريق من المسؤولين والمتطوعين أن يمضوا يوم عمل في الغور مع المزارعين، ويمكن لوزراء السياحة والبلديات وغيرهم أن يمضوا أيام عمل في النظافة وزراعة الأشجار، ويمكن لوزير الصحة مع المحافظين والحكام الإداريين ومدراء الصحة والأطباء أن يمضوا يوم عمل في المستشفيات والمراكز الصحية، ويمكن أيضا تنظيم جولات شاملة وواسعة للأسر والمؤسسات التي تساعد كبار السن والمعوقين، وهكذا يمكن الحديث عن قائمة طويلة وجميلة من أيام العمل والمشاركات الحقيقية والميدانية في المدارس ومراكز الإصلاح والمراكز الحدودية والمتنزهات والحدائق والأسواق الشعبية والدوائر والمؤسسات الخدمية، ولا ننسى بالطبع مؤسسات التحصيل والمعاملات في الضريبة والماء والكهرباء والبريد والاتصالات والبنوك.

يستطيع الرئيس والوزراء والأمناء العامون والمدراء أن يديروا نظام متابعة وإدارة يضمن أن المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية والاجتماعية تعمل بكامل طاقتها وضمن الفرص والميزانيات المقررة لها بالفعل، وزيادة بل ومضاعفة كفاءتها من غير موارد إضافية، ويمكن للحكومة أن تضمن تقديم سلع وخدمات للمواطنين في المدارس والمستشفيات الخاصة والتأمين والاتصالات والماء والكهرباء والتمويل والاحتياجات الأساسية واليومية ضمن مستوى عادل في الجودة والإتقان يتفق مع ما يدفعه المواطنون مقابل هذه الخدمات والسلع.

ويمكن للحكومة ودون أن تلحق ضررا بالإنفاق العام على الخدمات والمجالات الضرورية أن تراجع كثيرا من المؤسسات والوظائف وأوجه الإنفاق والهدر، ويمكنها أن تفعل الكثير بدلا من هذا العبث الذي يزيد الفجوة بينها وبين المواطنين، وعلى الأقل يمكن التخلص من الذين يضرون ولا ينفعون.

مقالات ذات صلة