أزمة منتصف العمر … ايمن عدلي

مقال لايمن عدلي منشور على صفحات صحيفة الوفد المصرية ننقله لقرائنا الأعزاء تأكيدا لتشابه الإستهدافات على الساحة العربية ، ونلاحظ بان الحالة هنا على الساحة المصرية تشبه تماما ما حصل على الساحة الأردنية عند عرض فيلم الحارة الذي يهدف لزعزعة القيم الإيجابية للمجتمع الأردني

فارق كبير بين الفن الراقى والاسفاف، فارق ضخم بين رسالة الفن الهادف وإفساد الأخلاق، لم يكن الفن يوما وسيلة لإفساد المجتمع، وطعنه فى شرفه، وتصويره وكأنه ماخور لا أخلاق فيه ولا قيم ولا مبادئ، عندما نجد عمل تحت مسمى «أزمة منتصف العمر» يحول المجتمع المصرى إلى غابة تسيطر عليها الرغبات والنزوات الجنسية، والفساد الاخلاقى والأخطر ان لكل جريمة اخلاقية مبرر فالمؤكد انها ليست أزمة منتصف العمر وانما الأنسب انها أزمة ضمير عند من كتب وأنتج وقدم مثل هذا العمل الذى لا يرى فى المجتمع الا أحقر السوءات، هذا ليس فن ولا يمت للفن بصلة، الفن فيه رسالة بناء، وليس خراب بيوت وتدمير مجتمع، الفن فيه قيمة يحاول ان يقدمها أو قضية جادة يناقشها، وليس جريمة فردية يسعى كى يحولها إلى ظاهرة فى المجتمع.

للأسف كلما حاولنا ان نقنع انفسنا بانه لا توجد مؤامرة تستهدف المجتمع المصرى وقيمه وتماسكه تأتى مثل هذه الاعمال لتعيدنا مرة أخرى مجبرين إلى مربع المؤامرة، فمن يقدم هذا العمل ليس له مبرر سوى انه ينفذ، ولو بجهل، مخطط خبيث لتوطين الفاحشة فى الدول العربية، من خلال بعض الأعمال الدرامية التى تطرح على المنصات الإعلامية.

المجتمع المصرى لم ولن يكون ابدا هذا المجتمع الجنسى المنحل اخلاقيا والمفكك اسريا الذى يقدمه المسلسل العار على الفن، المجتمع المصرى ما زالت قيمه راسخة وثوابته الاخلاقية موجودة، واحترام المحرمات خط أحمر بالنسبة له، ولهذا فإن هذا العمل الذى يمكن ان يدخل تحت مسمى الدراما الجنسية سيظل نقطة سوداء فى تاريخ كل من شاركوا فيه، ولو فكروا قليلا بعيدا عن اغراء المال لادركوا انهم بالفعل يرتكبون جريمة اخلاقية وليس عمل فنى

فالترويج للعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج وزنا المحارم كارثة نحاول التصدى لها واغلاق كل الابواب التى يحاول الغرب فتحها فى هذا الاتجاه، لكن هؤلاء يصرون على تنفيذها، بالطبع لابد ان نلوم على المنصات التى سمحت باذاعة مثل هذه الاعمال كما نلوم على المشاهدين الذين يتابعون العمل كالبلهاء، ولا يرفضونه، لكن الاهم اننا لا نجد عذرا واحدا لمن كتب هذه الرذيلة ومن شارك فى تمثيلها، مثلما لا نجد عذرا لاعلامى يدعى المهنية ويحدثنا ليل نهار عن الاخلاق والقيم ثم يقدم لنا المشاركين فى العمل المتدنى فنيا وكأنهم عباقرة ومبدعون، يقينا لو ان هناك مسئول يدرك حجم الجريمة التى فى هذا المسلسل لما تردد لحظة واحدة فى ايقافه ومنع اذاعته، فهو ترويج لكل الفواحش بوجوه شيطانية ناعمة، ملعون ابو الفن الذى يصل بنا إلى هذا المستوى

بالطبع يراهن من صنعوا هذا العمل وغيره من الاعمال التى تصب فى نفس الاتجاه أن المتلقى فى مجتمعاتنا نتيجة قلة الوعى يتحول إلى مجرد ردة فعل مع كثرة تلقيه المعلومات، يندفع بعدها إلى الاعتراف بما يراه وتحويله إلى واقع، وهنا تتحقق رسالة تلك القوى الخبيثة،

وبكل تأكيد أن الأجيال الجديدة هى أكثر عرضه وتأثرًا من الأفكار المسمومة لتلك المسلسلات، الجيل المفعول به الذى لم يعاصر الأعمال الدرامية الخالدة التى شكلت وجدان المجتمع المصرى،

مثل الأعمال العظيمة للكتاب الكبار امثال اسامة انور عكاشة ووحيد حامد،وبشير الديك، ومحمد جلال عبدالقوى، ومصطفى محرم، حيث كان هناك محتوى ورسالة واضحة تحمل قيم للأسرة المصرية وتخاطب العقل والوجدان.

ولكن الآن تخرج علينا اعمال فنية تسئ للمجتمع المصرى، والكارثة الكبرى إعلان مؤلف مسلسل أزمة منتصف العمر عن أن هناك جزء تانى من المسلسل.

وخلاصة القول إنه يجب على النخب والكتاب والمثقفين التصدى لمثل هذه المشاريع الخبيثة عبر تعرية ما يطرح وإبعاد الجماهير عن التلقى الساذج لتلك البضاعة الدرامية الخبيثة

مقالات ذات صلة