
فلسطين بين الاعتراف الدولي واستمرار نزيف الدم
بقلم الاذاعي الكاتب/ شريف عبد الوهاب رئيس الشعبة العامة للاذاعيين العرب بالاتحاد العام للمنتجين العرب
العالم اليوم يشهد لحظة فارقة: عشرات الدول أعلنت اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، خطوة تحمل في جوهرها إقرارًا بحق هذا الشعب في أن يعيش على أرضه حرًا، وأن يُعامل كدولة لها سيادة لا كقضية عالقة. غير أن المشهد على الأرض يبدو أكثر قسوة: إسرائيل مستمرة في عدوانها، والقصف لا يفرق بين طفل وامرأة، بين بيت ومدرسة، بين مشفى وملجأ.
السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه: ماذا يفيد الاعتراف إذا استمر نزيف الدم؟
بالنسبة للفلسطينيين، الاعتراف الدولي يمنح شعورًا بأن صوتهم لم يعد صامتًا، وأن العالم بدأ يستمع لصرخاتهم. لكنه في الوقت ذاته يظل شعورًا ناقصًا، لأن الطفل الذي فقد عائلته تحت الأنقاض لن يواسيه خبر اعتراف دولة بعيدة، والأم التي تبحث عن دواء لابنها المريض لن تجد في التصريحات السياسية ما يخفف وجعها.
استمرار العدوان رغم الاعتراف يكشف عن فجوة بين الموقف الأخلاقي والواقع العملي. فإسرائيل لا تزال تتصرف بمنطق القوة المطلقة، والعالم، رغم اعترافاته، عاجز عن وقف آلة الحرب.
لكن الاعتراف ليس بلا قيمة. هو أشبه بفتح نافذة في جدار الصمت، يضيء أملاً بأن الظلم لن يستمر إلى الأبد. وإذا تحوّل هذا الاعتراف إلى خطوات فعلية: مقاطعة، عقوبات، دعم حقيقي للبنية التحتية الفلسطينية، فقد يصبح دم الشهداء بداية لمرحلة جديدة من العدالة.
إن أخطر ما يفعله استمرار العدوان هو محاولته سرقة الأمل، لكن الفلسطينيين أثبتوا دائمًا أنهم أقدر على التمسك بالأمل حتى في أحلك الظروف. والاعتراف الدولي، رغم محدوديته، يؤكد أن الحق الفلسطيني لم يعد معزولًا.
فما بين الاعتراف السياسي والدم النازف، تظل الحقيقة واضحة: الشرعية لا تُمنح بالقوة، والحرية لا تُقصف بالطائرات.