
عودة الوعي ” من بن جوريون إلى نتنياهو “
حاتم الكسواني
عانى العالم تغييبا للوعي فيما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني منذ أن بدأ بن جوريون جهوده لتأسيس كيان للشتات اليهودي في أرض فلسطين التاريخية ، إذ بنى كيانه على جملة من الأكاذيب اولها بأن أرض فلسطين موعودة لليهود من الله وأنها أرض بلا شعب .
واستغل بن جوريون رغبة أوروبا والإتحاد السوفيتي التخلص من وجود اليهود و شرورهم وافاعيلهم التخريبية في بلادهم ، وخطة الغرب لتقسيم الوطن العربي إلى دويلات بالحصول على وعد من وزير الخارجية البريطاني الفرد بلفور لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين .
واستغلت الحركة الصهيونية العالمية سردية الهولوكوست في ابتزاز أوروبا لأكثر من 80 عاما بعيد أن وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها حتى يومنا هذا .
واجبرت الصهيونية العالمية دول أوروبا وخاصة ألمانيا على دفع اثمان باهظة لقاء عملية الإبادة ” المحرقة ” التي ارتكبتها ضد يهود أوروبا ماديا ، وإبتزازا باتخاذ المواقف والقرارات التي تخدم مصلحة الكيان الصهيوني.
ولم تدخر الحركة الصهيونية جهدا في إستخدام كل الوسائل السياسية والإعلامية ، وكل المنصات الدولية لتعظيم مظلوميتهم وتشويه صورة محيطهم العربي الذي صورته بأنه يسعى أن يلقيهم إلى البحر .
وجاء نتنياهو إلى سدة الحكم ليرتكب كل الموبقات وصور الكذب و الخداع ليعود بنا إلى صورة اليهودي شايلوك الشكسبيرية ، وينفذ إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني بصورة غير مسبوقة هزت وجدان العالم ومشاعره و أزالت الغشاوة عن عينيه وانعشت وعيه ليرى الصورة الحقيقية للكيان الصهيوني وشعبه كنظام إجرامي عنصري ، وقوة استعمار إحلالي بنى عقليته و استراتيجياته على مبادئ الرذيلة والإستغلال وعلى اساطير تلمودية كاذبة ورواسب تاريخية إجرامية .
وتشاء الاقدار أن يُكشف كل ماتم بالخفاء وبعيدا عن أعين العالم ، وأن يساهم التطور التكنولوجي الذي اريد به إحكام السيطرة على العالم وإفساد أجياله بواسطة شبكة الإنترنت وماوفرته من وسائل تواصل إجتماعي لينقلب ظهر المجن ويتحول السحر على الساحر وتنكشف الحقيقة ويعلو كعب السردية الفلسطينية فوق سردية الكيان الصهيوني وتضليله للعالم لاكثرمن 75 عاما.
وتتوالى أخطاء نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية العنصرية المتطرفة وكأنهم يساقون سوقًا إلى تشويه صورتهم أمام أعين شعوب العالم الحية التي احرجت قادتها الذين بدوا غير قادرين على مجاراة مطالب حكومة الكيان الصهيوني وتأييدها في كل ماتفعل ، بل أن بعضهم اصطف إصطفافا كاملا إلى جانب الحق الفلسطيني وذهب للإعلان عن نيته الإعتراف بدولة فلسطين .
أن بن جوريون غيب الوعي العالمي لكن نتنياهو أعاده إلى جادة الصواب ، و مهما غالى نتنياهو في تطرفه ، ومهما انكر إصطفاف العالم خلف فكرة إقامة دولة فلسطينية فإن الأمر قادم و ما عليه إلى أن ينظر إلى كل اسلحته الخشنة والناعمة ، وكيف بدأت تفلت من بين يديه :
– عليه أن ينظر بإمعان إلى الدول الأوروبية وكيف تحللت من قيود الهولوكست التي قيدتها بها الحركة الصهيونية وصادرت همسها وبوحها وفعلها وقراراها بسببها.
– عليه أن ينظر إلى البحر ليشهد أسطول الحرية وكسر الحصار العالمي يتقدم نحو غزة رويدا ويدا .
-عليه أن ينظر إلى هوليود والسينما العالمية التي فتحت أبوابها للسردية الفلسطينية وتفويزها بالاوسكار وغيرها من الجوائز ، فبالأمس القريب فاز الفيلم الفلسطيني ” لا أرض اخرى ” بجائزة الأوسكار ويوم امس الأربعاء استقبل فيلم ” صوت هند رجب ” بتصفيق كبير استمر 24 دقيقة .
– عليه أن ينظر إلى مسا رح أوروبا الغنائية والمسرحية وهي ترفع العلم الفلسطيني والشعارات المؤيدة للحق الفلسطيني .
– عليه أن ينظر إلى مطاعم العالم وفنادقه وهي تطرد مواطنيه ، وترفض إستضافتهم أو التعامل معهم .
– عليه أن ينظر إلى نجوم هوليود التي كانت سلاحه التضليلي الناعم في تشويه الشخصية العربية ، ودفع العالم لمناصبتها أشد ألوان العداء كيف تحولت لمناصرة الحق الفلسطيني بإنتاجها ونجومها .
فهاهي هوليود تحول سوبرمان مناصرا ومدافعا عن المدينة التي تتعرض لفعل الإبادة الجماعية ،وها هو براد بيت و آخرون من زملائه يساهمون بإنتاج فيلم ” صوت هند رجب ” ، و هاهي لؤلؤة الشاشة الأمريكية سوزان ساراندون الحائزة على الأوسكار تشارك في رحلة أسطول كسر الحصار على غزة رغم بلوغها سن الثمانين من العمر .
– عليه أن ينظر إلى شوارع العالم وجامعاته وكيف ضجت بمظاهراتٍ وصورِ تعبيرٍ تفضح جرائم الإبادة والتطهير العرقي التي ينفذها ضد أبناء الشعب الفلسطيني
– عليه أن ينظر إلى عمال الموانئ الإيطاليين وهم يهددون بمقاطعة كل السفن الصهيونية على الموانئ الأوروبية إذا تعرض أسطول كسر الحصار لأي إعتراض .
وهنا نقول ساق الله على أيام الباخرة المصرية كيلوبترا التي رفض العمال الامريكيون تفريغها فهب كل عمال الموانئ العرب بموقف موحد تمثل بالإمتناع عن تفريغ السفن الأمريكية في كل الموانئ العربية لتضطر بعدها الإدارة الأمريكية آنذاك إلى الاستعانة بالجيش الأمريكي لتفريغ الباخرة كيلوبترا .
نورد هذا في ظل غياب عربي بالمشاركة في كل فعاليات نصرة القضية الفلسطينية في الموانئ البرية والبحرية والجوية ، وغياب حضور الفنانين العرب من مطربين وممثلين سينمائيين ومسرحيين ، وغياب الناشطين العرب الذين اكتفوا بإنتاج مواد التفاهة والتهريج وتغييب الوعي .. . والحقيقة نورد هذا في ظل غياب كل قوى الأمة العربية الخشنة والناعمة
اما نتنياهو فنقول له : الدولة الفلسطينية قادمة لا محالة فلا تتعب فقد فاتك القطار بفعل يديك



