إسلاميون وأميركا!

سميح المعايطة

حرير- شعار العداء لأميركا من الإسلام السياسي السني والشيعي كل على حدة لا يمكن اعتباره من المبادئ والثوابت الفكرية والدينية ولا حتى السياسية بل هو جزء من ادوات المراحل وشق الطريق لهذه القوى بين الجماهير.

لن نذهب بعيدا في التاريخ لكننا قبل عشرين عاما تقريبا عشنا مرحلة يفترض أنها وفق منطق الإسلام السياسي عدوان على ارض المسلمين واحتلال لها وقتل شعب من شعوب الامة على يد الجيش الأميركي وحلفائه، هذه المرحلة هي احتلال العراق، لكن ما كان على الارض أن الإسلام السياسي السني والشيعي أي الحزب الاسلامي العراقي وهو حزب الاخوان المسلمين وايضا القوى الدينية الشيعية التي تتبع لإيران، كل هؤلاء كانوا جزءا من ادوات أميركا لاحتلال العراق بحجة عدائهم لصدام حسين، ولم تسمع شعارات او فتاوى تناقش حكم ان يكون حزب إسلامي يعمل تحت قيادة جيش الاحتلال الأميركي ويوافق على احتلال لبلده وشعبه تحت مبرر اسقاط نظام الحكم.

وفي الاول من شباط 2004 تولى الشيخ محسن عبد الحميد زعيم الاخوان المسلمين في العراق آنذاك رئاسة مجلس الحكم الانتقالي وهو المجلس الذي اسسه الجيش الأميركي والمندوب السامي بريمر لإدارة امور العراق شكليا لأن الادارة كانت للاحتلال، وتناوب شهريا على رئاسة المجلس قيادة القوى السياسية بما فيها القوى التابعة لإيران والحزب الاسلامي اي الاخوان المسلمين في العراق.

تلك المرحلة كانت اختبارا حقيقيا لكل شعارات العداء لأميركا، فأميركا لم تتغير بل جاءت لتحتل العراق وقتلت وفككت الدولة العراقية ولم تغير سياستها، لكن من كانت شعاراته غير حقيقية هم قوى الإسلام السياسي سنة وشيعة.

وبعد سنوات من احتلال العراق كان ما يسمى الربيع العربي، وكان الديمقراطيون يحكمون أميركا وكان أوباما رئيسا، وفي ذلك الموسم قررت أميركا ان ترمي حلفاءها في البحر وتقدم نفسها نصيرا لحرية الشعوب، وبحثت عن التنظيم الاكثر حضورا في الشارع وكان التفاهم بين الإخوان المسلمين المصريين وأميركا على أربعة بنود التزم الاخوان بتنفيذها حتى تم اخراجهم من الحكم، وهذه البنود هي معاهدة كامب ديفيد وتحكيم الشريعة والاقليات والمرأة، والتزم الاخوان المصريون حين كانوا في الحكم والبرلمان بما وعدوا فتم إرسال سفير مصري جديد لتل أبيب ولم يسمع احد عن اي خطوة لتطبيق شعار الاخوان “الإسلام هو الحل ” وغيرها من الملفات.

التزم الاخوان والتزمت أميركا لكن الهجمة المرتدة كانت قوية ولم يصمد الاخوان في الحكم ويومها لم تكن أميركا معنية بهم، لكن التجربة سجلت ان تفاهمات كبرى تمت بين أميركا والإخوان في مصر ودول اخرى، بل ان بعض فروع الاخوان في الإقليم فتحت خطوط تواصل مع الأميركان على أمل تكرار تجربة الاخوان المصريين.

أميركا في هاتين التجربتين هي أميركا ذاتها فهي حليف اسرائيل كانت وماتزال، وهي في كل تفاصيلها، لكن ما كان مختلفا المصالح والسعي للحكم واشياء اخرى.

من يعمل بالسياسة ويريد ان يحقق مصالح وسلطة عليه الا يصنع اوهاما من مواقف تبدو تحمل مبادئ، ولو اعلن انه في سبيل مصالحه يقيم علاقاته فطبيعي ان يفعل ما تم ذكره، لكن هل يحق لمسلم ان يساند محتلا جاء ليحتل بلده بحجة معارضته لنظام الحكم مثلا؟

هشاشة المبادئ او ضعف الخبرة يحملان اي تيار نحو القفز عن كمية ضخمة من الشعارات في لحظة حصد المكاسب، ولهذا عندما نسمع ونرى تحريضا ضد أميركا من قوى سياسية تحالفت او عملت تحت ظل أميركا تشعر ان الامر يحتاج الى وقفة، لأن أميركا لم تغير سياساتها ولم تتحول عام 2003 او 2011 الى عدو لإسرائيل ونصير لقضايا الامة لكن آخرين تحولوا.

ربما لو تغيرت ظروف الإقليم وجاءت حالات تشبه ما كان عام 2003 او 2011 لرأينا تفاهمات جديدة سرا وعلنا بين الإسلام السياسي والأميركان تتلاشى أمامه شعارات العداء او الاعتصام امام سفارات واشنطن او حتى مقاطعة مشروب غازي وأنواع من الشيبس..

مقالات ذات صلة