قانون الضريبة.. رمانة أم قلوب مليانة؟.. ايهاب سلامة

لقاءات الحكومة الحوارية مع المواطنين في محافظات المملكة حول قانون ضريبة الدخل، صحية للغاية، ونموذجية، وغير مسبوقة، بصرف النظر عن نتائجها الحالية، إلا أنها تؤسس لعلاقة سليمة بين المؤسسة الحكومية، والمواطن، سيما إذا تحوّل طابع الحوار إلى نهج إستراتيجي، فانه حكماً سيؤتي ثماره لاحقاً، بشكل أكثر مردوداً ووفرة ..

الذي فاجأ الفرق الوزارية التي خرجت لتسويق قانون ضريبة الدخل في المحافظات، أن حوارات المواطنين تخطت الضريبة وقانونها ،  وامتدت إلى مختلف القضايا الوطنية الأزلية المطروحة للنقد والجلد والنقاش، وهو أمر ربما لم تحسب الحكومة حسابه، وغاب عن بالها، أن المواطنين أوصلتهم حكومات قبلها، بقراراتها وسياساتها، إلى ذروة الاحتقان، وحمّلت على أعناقهم ما تنوء الجبال عن حمله، ففرّغوا تراكمات حنقهم وضغطهم المترسبة منذ عدة حكومات ونيف، وانفجروا في وجه وزراء الرزاز.
الحقيقة التي يجب أن تأخذها الحكومة بعين الاعتبار، أن عقلاً مجتمعياً جمعياً قد تشكل .. لا يمكن اختراقه ببساطة أبداً، ولا تغيير قناعاته التي بات يستدعيها من مخزون ذاكرته السيئة مع حكومات سابقة ، ورسم  صورة واحدة  قاتمة، يحكم من خلالها على أي حكومة وفق قياسها !
الإشكالية الحقيقية اذاً، ليست بقانون ضريبة الدخل، ولا بتفاصيله التي تقول الحكومة أنه لن يمسّ جيوب 90 بالمائة من المواطنين، ولا بمدى نجاعتها بتسويقه أو فشلها، بقدر إشكالية انعدام جاذبية الثقة بين المواطن والحكومة، أي حكومة !
ذات العقل الجمعي، ترسّخت لديه قناعات، بأن العشرة بالمائة من المواطنين الذين يستهدفهم قانون ضريبة الدخل، من تجار وصناعيين وأصحاب مداخيل مرتفعة الخ، سيعيدون تعويض ما جبته الحكومة منهم، من جيوب الـ 90 بالمائة !، وهو ما يستدعي من الحكومة تفنيده، وتقديم ضمانات تؤكد عدم انعكاس الضريبة لاحقاً على المواطنين المتخوفين.
ورغم أن أشهر العسل التي جمعت حكومة الرزاز بالمواطنين، قد بدأت مغايرة، ومبشّرة، وعلى الطريق الصحيح، ولكن : هل كانت كافية لردم هوة طالما فصلت بين المواطنين والمؤسسة الحكومية، وبالتالي تقبّلهم من الرزاز، ما لم يقبلوه من الملقي، هكذا بكل بساطة ؟!
المصيبة إذا كانت حكومة الرزاز، قد بنت تصورها بأن خطأ الحكومة السابقة مع قانون الضريبة يكمن بفشلها في تسويقه.. وبالتالي، تجتهد قدر جهدها بترويجه،  معتقدة أن أشهرها الماضية كانت كفيلة بالشفاعة لها، لعبور امتحانه الذي أخفقت فيه سالفتها !
حال المواطنين من الحكومة وقانون ضريبة الدخل،يمكن تشبيهه بالفتاة التي كانت حماتها تنغص عليها حياتها، وتذيقها الأمرين، وتعذّبها ليل نهار، إلى أن حملت بمولودها، فتوحمت على  رمانة  في غير فصلها وأوانها، ما اضطر زوجها المسكين ليجوب أسواق البلاد كلها، ليتمكن من إحضارها ..
المهم .. فوجئت الزوجة أن حماتها التي اعتادت امتهانها، قد سرقت رمانتها، وأكلتها نكاية بها، فانقضت عليها بكل شراسة، وأخذت تهجم عليها صارخة متوحشة، حتى التمت جاراتهن عليهن فسألتها إحداهن : كل هذا الغضب والشتيمة والصراخ على أم زوجك، عشان رمانة؟
ردت الزوجة المغيوظة : لاااا .. مش رمانة، قلوب مليانة!

مقالات ذات صلة