إصحى يا قرية… اهل القرى والذّكرُ والذّكريات

عوض عايد اللوانسه

ذُكِرَ اهل القرى في القرآن الكريم، بأكثرِ من موقع، وهذا الذكرُ غالبا لم يكن حميدا، ولكنهم على الاقل، أخذوا حيزا في كتاب رب العالمين، وان دل هذا على شيء، فانه يُشير الى ان للقوم تأثيرٌ مهم بالحياة، حتى استحوذوا على اهتمام رب الكون سبحانه، فمرة يُذكروا ككفرة، ومرة يُذَكّروا بسوء اعمالهم، وتحذيرهم من عاقبتها وهكذا، ومع ان هؤلاء القوم عاشوا بزمنٍ لم تكن فيه مدارس اوجامعات او اي وسائل اعلام واتصال، الا انه يبدوا على مافهمت انا، انهم كانوا جهابذة.
ولماذا الخوض بهذا الموضوع…
الجواب:هو ما آلت إليه احوال اهل القرى في زماننا، رغم تطور الحياة بشكل مُذهل ، وتطور العلم والمعرفة، وسهولة التواصل، الا انهم وللاسف اصبحوا في ذيل القافلة، ولم يعدوا سوى تكملة عدد لكثير من الدول، ولم يعد لهم اي تأثير يُذكر، ولانخفي سرا اذا قلنا، انهم صاروا موضع سخرية واستهزاء واستهتار، لبقية مواطنيهم، الذين عاشوا بالعواصم والمدن الكبرى، وتقربوا من موضع صنع القرار، واستحوذوا على التجارة والصناعة، وحاربوا بطرق شتى اهل القرى بقصدٍ او بغير قصد، وصاروا يستجدون هؤلاء القوم بكل مايحتاجون، ويسألونهم كما يسألُ الناسَ رب العالمين، ولسان حالهم يقول ان هؤلاء هم اولياء نعمتهم والمتفضلون عليهم، وانّ لهم الحقُ دون غيرهم.
من هنا جاءت المقولة(إصحي ياقرية) من بعض الواعين والناشطين والغيورين على مجتمعاتهم، الذين لايرضيهم حال قومهم من اهل القرى، الذين كانوا بالاصل هم الاصل، الا انهم وللاسف ينفخون بقربة مخزوقة، كما نفخ الانبياء باهل القرى يومها، ليهتدوا الى الحق والصواب، حتى يفتح الله عليهم بركات من السماء والارض، ولكنهم رفضواىتلك الدّعوات، كما يرفضها جوعى هذا الزمان،وأيِّمُ الله لو ان اهل القرى آمنوا واتقوا واستأسدوا، لأكلوا من بين ايديهم ومن خلفهم ومن تحت ارجلهم، خيراتٍ حُرموا منها ظلما وعدوانا واستخفافا، ولكنهم رفضوا كل دعوات العزه والهداية، كما رفضها السابقون ، فأخذهم الله بما هم يكسبون. ولا ادري ان كنتُ قد ظلمت السالفين او المتأخرين، بتلك المقارنة، ولكنها الخواطر، تمر بالبال وتختلط مع المشاعر والامنيات والقهر الذي ينتابنا، والغُلب الذي نعيش.

مقالات ذات صلة