خبراء يقرون بخلل منظومة النقل ويدعون لدعم القطاع الخاص

 

أقرّ خبراء ومسؤولون في قطاع النقل بوجود خلل حقيقي في هذه المنظومة وسط إغفال الحكومات المتعاقبة عن إعطاء القطاع أولوية، معتبرين أن دعم القطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع أول خطوة لتجاوز مشاكله.

وكان رئيس الوزراء، د.عمر الرزاز، قال “إن النقل العام أكبر إخفاق في الخدمات العامة المقدمة في المملكة”.

جاء ذلك في محاضرة قدمها الرزاز يوم الأحد في الجامعة الأردنية، أكد فيها أن الحكومة تسعى لتحسين هذه الخدمة وأن المواطن سيلمس ذلك.

وزيرة النقل السابقة والخبيرة في مجال النقل، لينا شبيب، قالت “لا يستطيع أحد إنكار الخلل في منظومة النقل على مر حكومات متتالية”.

وأضافت شبيب “إن هذه الحكومات لم تعط الأهمية اللازمة للقطاع وتركت أمره للقطاع الخاص، ما تسبب في نشوء الملكيات الخاصة فيه، كما أنه تم التعامل مع القطاع وكأنه مجرد خدمة اجتماعية لتأمين مصدر دخل لمشغلين”.

وتابعت “أنه لطالما منحت تصاريح التشغيل على خطوط للنقل وفقا لإجراءات إدارية بدون دراسة وتخطيط لحاجة التشغيل على هذه الخطوط، كما أن اللجان المعنية بمنح هذه التصاريح وعلى مدار فترة طويلة بين 1960 وحتى 2000 لم يكن لديها قاعدة بيانات حول الخطوط، بل كانت تمنح التصاريح لأي طلب يتم تقديمه بغض النظر عن الحاجة في ذلك الخط”.

وقالت إن ذلك راكم مشاكل الملكية الفردية في الخطوط وسط ابتعاد للحكومة عن إيجاد حلول لتحسين منظومة العمل في قطاع النقل على اعتبار أن القطاع الخاص يشغله.

وبينت شبيب أنه حتى وبعد إنشاء هيئة تنظيم قطاع النقل البري في العام 2000، استمر التعامل مع قطاع النقل وكأنه مصدر لتحقيق العوائد للهيئة على اعتبار أنها هيئة مستقلة؛ أي أن العمل في القطاع كان على أسس تجارية.

ورأت شبيب أنه من الضروري رصد مخصصات للمساهمة مع القطاع الخاص في الاستمرار بتحسين منظومة النقل لأن القطاع الخاص وحده لا يستطيع الاستثمار في المشاريع الكبرى في هذا القطاع، مبينة أن قانون النقل الجديد أتاح الأدوات والوسائل لتنظيم العاملين في قطاع النقل ورصد مخصصات لدعمه.

وشددت شبيب على ضرورة تأهيل البلديات للدخول في مشاريع منظومة النقل، إلى جانب رفد القطاع بالكوادر البشرية القادرة على تنفيذ مشاريع واستراتيجيات تحسينه، كما لفتت إلى قضية تعدد المرجعيات في قطاع النقل، داعية إلى ضرورة وجود مركزية لهذه المنظومة ووجود جهة واحدة لهيكلة شبكة النقل وإعطاء التصاريح.

ومن جهته، قال الوزير النقل الأسبق والخبير في القطاع، هاشم المساعيد “إن أهم مشاكل قطاع النقل تتمثل في الازدحامات المرورية، خصوصا في عمان، نتيجة للزيادة الكبيرة في عدد السكان، وتركز معظم النشاطات الاقتصادية فيها، إلى جانب عدم كفاية أسطول النقل؛ إذ إن معدل الحافلات في المملكة يساوي ربع حافلة لكل 1000 نسمة، بينما يبلغ المعدل العالمي نصف حافلة إلى حافلة واحدة للعدد نفسه”.

ولفت إلى أن نحو 60 % من السيارات في المملكة موجودة في عمان، في ظل غياب منظومات نقل ركاب تساعد على التخفيف من استخدام السيارات الخاصة.

وقال إن قطاع النقل لم يعد جاذبا للقطاع الخاص للاستثمار فيه لأن المردود المالي ضعيف ولا يغطي تكاليف الاستثمار، وإن ذلك لا يقتصر على الأردن بل هو معروف عالميا.

وهنا تبرز الحاجة، وفق المساعيد، إلى أن تقوم الحكومة بدعم القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع النقل الكبرى وفي الوقت ذاته تحافظ الحكومة على جزء من هذا القطاع.

ومن جهته، أكد المدير التنفيذي للنقل العام في أمانة عمان، م.عبدالرحيم وريكات، وجود خلل متراكم في قطاع النقل العام، مبينا أن الأصل في هذا القطاع أن يعامل مثل باقي القطاعات الخدمية الأخرى كالتعليم والصحة سواء من حيث الإنفاق أو جعله في سلم الأولويات الحكومية.

وقال “إن القطاع يمكن أن يكون ذا جدوى اقتصادية في حال معالجة مشاكله وتحسين منظومة العمل فيه لما قد يحققه من وفر في استهلاك الوقود والتخفيف من حدة الأزمات المرورية، ناهيك عن التخفيف من الآثار البيئية والصحية الناتجة عن زيادة استخدام وسائط النقل التقليدية وارتفاع عدد السيارات الفردية”.

وشدد الوريكات على ضرورة دعم تذكرة الراكب من خلال دعم المشغل لتمكينه من تطوير وتحسين الخدمة المقدمة للركاب، بدون الاضطرار إلى زيادة أسعار الخدمات.

يشار إلى أن أمانة عمان أعلنت، في وقت سابق، أنها ستدخل 135 حافلة من خلال شركة متخصصة أسستها لهذه الغاية، إضافة إلى 160 حافلة ستدخلها الشركة المتكاملة للنقل المتعدد، وذلك حتى نهاية العام الحالي، كما أعلن أمين عمان، الدكتور يوسف الشواربة، سابقا، إلا أنه في العام 2020 ستنضم 500 إلى 600 حافلة إلى أسطول الأمانة.

وكان رئيس الوزراء، د. عمر الرزاز، قال في أكثر من مناسبة “إن قطاع النقل العام لم يأخذ حقه من الاهتمام والرعاية الكافية خلال الفترة الماضية”، وشدد على أهمية تعزيز مراقبة وسائط النقل العام ومدى التزامها بشروط السلامة العامة، وقياس مدى رضا الركاب على مستوى الخدمة، مؤكدا ضرورة أن يلمس المواطن التحسن في واقع الخدمات المقدمة لقطاع النقل


العام وفي أقرب وقت.

مقالات ذات صلة