
حقائق تدعو حماس للتمسك بسلاحها
حاتم الكسواني
مع تصاعد موجة الخلاف في الشارع العربي حول موضوع دعوة حماس لإلقاء سلاحها أو التمسك به. فإننا نجد بأن الناصحين لحماس بالتمسك بسلاحها وهم غالبية في الشارع العربي يتحرجون من الجهر برأيهم تمسكا بمنطق أنه لا يجوز لهم دعوة الشعب الفلسطيني للمزيد من الموت والمزيد من الشهداء على مذبح التوحش الأمريكي الإسرائيلي الذي يصارع من أجل إيصال الشعب الغزي ومقاومته للإستسلام حتى لا يصبح صمودهم ونصرهم المنتظر عنوانا و قدوة تعتمدها وتؤمن بها كل الشعوب التي ضاقت ذرعا بصلف القوة الذي قرع كل قيم الديموقراطية وقداسة الحريات في العالم .
من جانب آخر نجد بأن الداعين حماس لتسليم سلاحها هم فئة تتطلع إلى العودة لحكم غزة والسيطرة عليها تحت مظلة القوة الإسرائيلية الأمريكية، وهي جماعات لا يمكن وصفها بالقوى الوطنية بل إنها تصنف كقوى متواطئة مع الإحتلال واهدافه .
ومن المحبط أن تنخرط السلطة الفلسطينية في الجهود الرامية إلى نزع سلاح حماس وإخراج قادتها خارج غزة بتنظيم مظاهرات في ” غزة ورام الله ” .
ففي غزة هتفت هذه المظاهرات بلا خجل أو وجل ” برا .. برا .. حماس برا .. برا ، والأخرى في رام الله هتفت … إرهابية .. إرهابية… حماس إرهابية .
وهنا نتسائل ما الثمن الذي ستجنيه السلطة الفلسطينية من هذه المواقف وهي تعلم بأن أمريكا وإسرائيل لا تلتزمان بوعودهما ولا حتى بما توقعاه من إتفاقيات .
ومن واقع مجريات القضية الفلسطينية منذ اكثر من سبعة عقود فإننا نسجل الحقائق التالية :
– لم يكن السابع من أكتوبر بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولن ينتهى هذا الصراع بإنتهاء معركة غزة مهما كانت نتائجها الأمر الذي يقتضي الحفاظ على سلاح غزة لإفشال خطة العدو الصهيوني الهادفة إلى إحتلال غزة وتهجير أهلها .
– إن وقف النمو الديموغرافي للمجتمع الفلسطيني هو إستراتيجية صهيونية تنفذها إسرائيل بقتل الأطفال والنساء وتعقيم كل إنسان فلسطيني قادر على الإنجاب والتكاثر، وبتهجير الفلسطينيين من ديارهم ووطنهم إلى دول الشتات قصرا وطوعا ودمجهم في مجتمعاتها بمنحهم جنسياتها والمراهنة على ضعف وتلاشي إنتماء أجيالهم القادمة للهوية الفلسطينية بسبب إرتباط مصالحهم مع مجتمعاتهم الجديدة ، وذلك منذ اول مذبحة إقترفتها عصابات الهاجانا وشتيرن والأرغون الصهيونية عام 1948 حتى يومنا هذا ، وستستمر مالم يتم وقف توحش المشروع الإستعماري الإحلالي الصهيوني في بلادنا
– إن مخططات الحكومة الإسرائيلية لا تستهدف غزة فقط بل إنها تنفذ مشروعا صهيونيا توسعيا تهويديا في الضفة الغربية بإعتبارها وفق المقولات التلمودية من أرض إسرائيل الموعودة ” يهودا والسامرة ” ولا احد يدعو لمقاومة هذا المشروع التوسعي الأخطر الذي يستهدف مستقبل أكبر شريحة سكانية فلسطينية داخل أرض فلسطين التاريخية بالتهجير .
– وفي ظل الدعوات المتكررة بتأييد المصالحة الفلسطينية الفلسطينية بين جميع فصائل المقاومة الفلسطينية وقوى المجتمع الفلسطيني المختلفة فإننا نجد بأن كل الشعوب المقاومة في العالم من أجل نيل حقوقها المشروعة لم تختلف تنظيماتها حول المشروع الوطني وهدف التحرر
و لطالما زاوجت في نضالها بين المقاومة المسلحة والمفاوضات والحوار السياسي في الوقت الذي ترفض فئة فلسطينية منطق المقاومة المسلحة ضد الإحتلال الإسرائيلي وتشارك في ملاحقة وقتل المقاومين الفلسطينيين و تسليمهم لأجهزة الإحتلال الأمنية .
أن مجالس قيادات فصائل المقاومة شملت كل الأطياف والتنظيمات الوطنية. ولم يدعي أحدها أفضليته بالتمسح بمقولات ” أننا كنا اول الرصاص وأصحاب الرصاصة الأولى وماشابه ذلك من شعارات الفرقة” ، وانه لم يسبق لأي تنظيم تحرري وطني في الدنيا أن وقع إتفاقية تنسيق أمني مع عدوه ، ووضعها في أول أولوياته بما يخالف مصلحته الوطنية ومسيرة شعبه النضالية المقاومة .
– مهما كان الألم من الخطأ أن ننقلب على حماس في ظل عداء دولي وعربي ، وفي ظل غموض مستقبل الشعب الفلسطيني بعد تسليم سلاح حماس حيث سيبعد الفلسطينيون إلى المنافي البعيدة عن النظر إلى فلسطين . منافٍ غير مناسبة بيئيا وحضاريا ليعيشوا في مخيمات أو مساكن بحكم المخيمات ، ويعيشون تخلفا ونقصا في خدمات التعليم والصحة وفرص العمل ، وكمواطنين من الدرجة الصفر … وسوف يعيشون المًا الموتُ أهون منه .
وإذا كان هذا يفرح المتطلعين للسلطة على غزة فنقول لهم بأن لا أمل لهم في تحقيق مرادهم لان ما يخطط لغزة هو ضمن الخطة الكبرى لإنهاء القضية الفلسطينية وبعدها لن ينظر إلى الفلسطيني في كل مكان يحل فيه إلا كإنسان غير مرغوب فيه ويشكل عبئًا على المكان والزمان والإنسان .
– من الملاحظ أن أمريكا لا تقيم وزنا لجهود المجموعة العربية بوقف الإعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية وأرضه التاريخية التي عاش بها عبر العصور ، بل اهملت مؤخرا الخطة العربية بإعادة إعمار غزة وإدارت ظهرها لها ونقلت أمر تنفيذ خطة ترامب بتهجير أهل غزة لإسرائيل ، حيث لا ينفك نتنياهو من رشوة ترامب بتصريحاته بأن عملية الإبادة المستمرة لأهل غزة تهدف إلى تنفيذ خطة ترامب بتهجير أهل غزة لتحويلها إلى ريفيرا ترامبية
– ومن الملاحظ أيضا إن تبريرات مسؤولو الإدارة الأمريكية لجرائم الإحتلال الإسرائيلي بحق أطفال ونساء وشيوخ غزة وبحق الصحفيين وفرق الإسعاف الذين تتم تصفيتهم مع سبق الإصرار والترصد ، هو في حال من الأحوال تواطؤ مع اهداف الإحتلال ومشاركة كاملة بصلف القوة في هذه الأفعال الإجرامية .
ليس هذا وحسب بل ان حكومة ترامب والحكومات الأمريكية العديدة التي اغرقت أسواق العالم بورق الدولار الذي لا يساوي قيمته الورقية بسبب عدم وجود غطاء له من الذهب أو سلة العملات أو غيرها من أشكال التغطية التي تجعل قيمة العملة حقيقية كانت سببا في تحميل الخزينة الأمريكية دينا لا قبل لها على سداده إلا بسلوك السطو على أراضي الآخرين ومقدرات بلادهم بسلاح الغطرسة والإبتزاز للحصول على مبالغ مالية وإستثمارات من عدة دول بحجة حمايتها لعقود من الزمان أو تزويدها بالسلاح والعتاد الذي خاضت به معاركها .. ناهيك عن إستغلاله لسلاح الرسوم الجمركية والسطو على مقدرات الدول من نفط وغاز ومعادن نفيسة بالتهديد والقوة الأمر الذي يفيد بأن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لإعتداءات إسرائيل على غزة وباقي الأراضي العربية لن تتوقف إذا لم تلجأ الأمة العربية للإتحاد فيما بينها لوقف مشاريع الهيمنة والسطو الأمريكي الإسرائيلي المعزز بصمت أوروبي حماية للأمن القومي العربي .
– ووفق الحكمة القائلة ” لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين فإننا نعتقد بأن المقاومة الفلسطينية يكفيها لدغة بيروت التي إنتهت بتسليم سلاح المقاومة الفلسطينية ومغادرتها ومن ثم تفرد قوات الإحتلال والرجعية العربية الفئوية العنصرية بمواطني مخيمي صبرا وشاتيلا وتنفيذ أبشع مجزرة فيهما ضد الشعب الفلسطيني لا تبتعد قيد أنملة عن مجازر الإبادة الجماعية التي تجري البوم في غزة وعليه …وتخوفا من أن ينتهي تسليم سلاح غزة إن تم لا قدر الله إلى أكبر عملية إبادة جماعية لشعب عربي عبر التاريخ بالتفرد بأهل غزة تحت نظر وسمع وصمت أبناء الأمة العربية ودولها .
وتأسيسا على ماسبق من نقاط فإننا نحذر من تسليم سلاح غزة وندعو دول العالم للوقوف في وجه مخالفات الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية للقوانين والمواثيق الدولية وفرض شريعة الغاب في التعامل مع باقي الشعوب والامم التي تتمثل بالقتل والتهجير والتشريد ومصادرة الأراضي وإحتلال المدن ، وإستخدام أسلحة التجويع والتعطيش وقطع مصادر الطاقة ووضع اليد على المقدرات والتهديد الدائم بقوة السلاح عقابا للذين لا ينصاعون لمخططاتهما .