كلام في الصميم..

بقلم : العميد المتقاعد زهدي جانبيك مدير إدارة الأمن الوقائي الأسبق

الموافقة الامنية :
في بعض الدول الدكتاتورية، لا تنفعك مؤهلاتك ولا مهاراتك ولا كفاءاتك للحصول على العمل ، فبعد كل هذا وقبله يجب ان يكون مزاج اجهزة امن الدولة والمخابرات رايق تجاهك وتجاه عائلتك وكل حمولتك لكي يعطوك مباركتهم ويوافقوا امنيا على السماح لك بالعمل …
الموافقة الامنية ليست عدم محكومية، فقد تكون غير محكوم باي جناية او جنحة او حتى مخالفة، وتكون حسن السيرة والسلوك، وماشي الحيط الحيط وبتقول يا رب الستر، وما زلت في بداية عمر الزهور وتريد ان تشق طريقك في الحياة ، ومع ذلك لا يتم منحك الموافقة الأمنية من هذه الاجهزة الامنية…
لماذا يتم حرمانك من الموافقة؟
لأن ابوك ، او عمك، او اخوك، او جدك، او عم جدك او خالة امك انتقد اداء حكومة، او انتقد مؤسسة انحرفت عن مسارها، او قصرت في واجباتها او تدنت جودة خدماتها، أو اهدرت مالا عاما، او ضعفت رقابتها على موظفيها ففسدوا في الارض وأفسدوا فيها فسرقوا الاموال وهربوا السلاح حتى اغرقوا به البلاد والعباد …
وسواء كان هذا الاب او العم او الخال او الجد حيا أو ميتا ، فلا فرق …لن تحصل على الموافقة الامنية….
وسواء كان قريبك على حق ام لا ، فلا فرق …لن تحصل على الموافقة الأمنية. لان مزاج مدير هذا الجهاز او ذاك مش رايقلك او مش رايق لأبوك…
وسواء كان قريبك هذا صاحب قيود جرمية او حامل اعلى الأوسمة الملكية ، فلا فرق ، فلن تحصل على الموافقة الأمنية…لان مدير هذا الجهاز الأمني لا يحب ما يكتبه ابوك على صفحته على الفيسبوك ، حتى لو لم يشكل جريمة او اي تهديد.
لأن الهدف من هذا الإجراء التعسفي الدكتاتوري ليس الشخص الذي قال او كتب الحق، وانما الهدف من الإجراء التعسفي الظالم هو انت ايها الشاب/ة …
نعم انت ايها الشاب/ة اليافع/ة هو الهدف… لانهم يريدون ان يزرعوا الكره والحقد في قلبك على الوطن وعلى كل ما يمثله …
نعم يريدون ان يحطموك انت، ويزرعوا الكره في قلبك نحو عصبتك وأهلك ووطنك.
يريدون ان يجردوك من انتمائك الى الوطن، وانتماءك الى الاهل والعشيرة…
نعم ، يريدون ان تهيم على وجهك مع الاف الهائمين على وجوههم من الشباب العاطلين عن العمل من امثالك الذين حرمتهم هذه الموافقة الأمنية الدكتاتورية من العمل. ومن الدراسة، ومن السفر …
هم يريدونك ميتا يسير على الارض بلا هدف ولا طموح ولا حب ولا مستقبل ولا وطن ولا اهل…
يريدون ان يحطموك ويملؤوا قلبك بالكراهية نحو كل محيطك، دون اي ذنب ارتكبته انت … ولأنهم عجزوا عن الكبار والرجال، وجهوا سهام حقدهم ودكتاتوريتهم للانتقام من الرجال عن طريق إلحاق الاذى بمستقبل الشباب والشابات الذين لا يملكون حولا ولا قوة…
اي بني ، ايها الشباب، ان حدث لك هذا فاحذر ان تسقط في فخ حقارتهم ونذالتهم وتتغير مشاعرك نحو اهلك وعشيرتك فهؤلاء هم درعك الواقي ومكان ثقتك وأمانك، وهم من يحبونك حقا … وإياك أن تحبطك مؤامراتهم، وابق ثابتا على مبادئك … وابق نقيا.
وقف شامخا صابرا داعيا وقل:
اللهم اغفر لي ولوالدي كما ربياني صغيرا …
ثم توجه بدعائك الى الله الجبار المنتقم وارفع يديك الى السماء…وادع من قلبك وقل:
‏اللَّهُمَّ احصِهم عددا واقتلهم بددا ولا تُغادر منهم أحدا، ومزِّقهم شرّ مُمزّق وَألقِ الرعب في قلوبهم وشتِّت شملهم.
قل:
اللهم يا جبار يا منتقم شل ايدي كل من كان له يد في اصدار عدم الموافقة الامنية من اصغر رتبة الى اكبر رتبة منهم، … اللهم في هذا الشهر الفضيل ، لا يموتون قبل ان تبتلي ابناءهم وبناتهم بكل انواع البلاء من الأمراض والفقر والعوز والحرمان والهم والغم والقهر …
ثم خذهم اخذ عزيز مقتدر حتى يموتوا والحزن يملأ قلوبهم، ويتيتم ابناءهم.
ويعيش أبناءهم من بعدهم اذلة، وعالة على الناس لا يجدون قوت يومهم ولا يجدون نصيرا لهم …
يا ربّ لا ترفع لهم راية ولا تحقق لهم غاية واجعلهم لمن خلفهم عبره وآية.
لأن هؤلاء المسؤولين عن إلحاق الاذى بك عزيزي الشاب دون ذنب اقترفته، ظلما وطغيانا هم السبب بخراب الأوطان، وهم شياطين فتنة ثورات الربيع العربي ومثيلاتها …

Zuhdi Janbek

مقالات ذات صلة