ملاحظات عن دور اميركا في ردع العدوان بسوريا

 

الصحفي عماد الرواشدة – الولايات المتحدة

افهم النزعة نحو اسرلة او امركة كل ظاهره في السياسة تبدو ضبابية. لكن مسالة الدعم الاميركي لاسقاط الاسد ليست ضبابية، ولانها ليست ضبابية، فواشنطن، واسرائيل الحقيقة، لا تحتاجان ل”مؤامرة” (سرية) لاسقاط الاسد. لو كانوا هم من هندس ردع العدوان، لقالوها، لن يخجلوا منها، ولكانوا اختاروا لها شخصية اقل اثارة للخلاف من الجولاني ولمرت على كثيرين.

 

هذا ليس سرا اذيعه، هذا ابجديات تفكير نقدي بحدوده الدنيا.

 

ساوضح ما اقوله باختصار لغير المتابعين، لانني اظن ان المتابعين والمهتمين بالشان الاميركي و/او السوري يعرفون عما اتحدث.

 

الاميركيون من ٢٠١١ قالوها على الملا انهم يريدون اسقاط الاسد، ودربوا ايضا على الملا الاف الافراد في الجيش السوري الحر. وانفقوا على العلن نصف مليار دولار على برامج التدريب وفشل الجيش في ٢٠١٤-١٥ وحدث قصة كبيرة في اميركا وجدالات في الكونغرس حول الفشل حتى ان الفشل في تنحية الاسد كان احد نقاط ضعف الديمقراطيين في السياسة الخارجية وساهمت بخسارتهم الانتخابات في ٢٠١٦ ولو بشكل جزئي.

 

هذا كله معروف لاي شخص يتابع، ومتوفر لمن لا يتابع ولكن جاد، يستطيع القراءة عنه.

 

لكن واقع الحال انه بعد كل هذا الانفاق لم يسقط على يديهم، لانهم غضوا النظر عن الفكرة تقريبا بعد دخول داعش على الخط وبعد ان ادركوا ان وجوده افضل من ذهابه لانه البديل غير متوفر.

 

ظلت اميركا من حينه تدعم هي واسرائيل قوات قسد الكردية في الشرق، وفريق صغير جنوبا مع الحدود الاردنية يسمى جيش سوريا الحرة.

 

لكن من اسقط الاسد لم يكن هؤلاء، بل فصائل الشمال الذين لا علاقة لاميركا بهم لا سياسيا ولا جغرافيا؛ فكان الامر محرجا لواشنطن ولا يزال لانه يعني ان دور الاميركيين في رسم المستقبل السوري محدود بحكم ان قوتهم في الميدان على الارض تراجعت اثر دخول فريق معارض لا ينتمي لهم وليسوا هم من ادخلوه، الى قلب دمشق.

 

لذا بعد السقوط، وبعد ان استوعب الاميركيون الصدمة، فورا توجهت واشنطن لزيادة دعمها لقوات قسد الكردية، فهي تمثل موجوداتها assets في الميدان. فتجد ان قائد قيادة العمليات المركزية الوسطى مايكل كوريلا يزور معسكرات “قسد” امس.

 

في الواقع، اليوم هناك على الاقل اربعة مسؤولين اميركيين كبار في الشرق الاوسط على راسهم مستشار الامن القومي ووزير الخارجية كلهم لبحث ما يجب عمله في سوريا.

 

مهم ان نعرف انه ليس اقرب لقلب بايدن والديمقراطيين لو كانت عملية ردع العدوان عمليتهم، اذن لاعلنوا ذلك، واستثمروا فيها سياسيا في صراعاتهم الداخلية للحد الاقصى ولاختاروا لها شخصية اقل خلافية بكثير من الجولاني ولمر الامر على كثيرين ربما.

 

اليوم يحاول الاميركيون، او ادارة بايدن تحديدا، بكل جهدهم بعد ان غابوا عن عملية سقوط الاسد، يحاولون تجيير نصرها لهم ولو جزئيا، ويصرِّفوه سياسيا في صراعاتهم الداخلية. فيخرج كيربي ليقول “لولا اننا دعمنا اسرائيل لاسقاط حزب الله، لما تمكنت الهيئة من اسقاط الاسد” وهو تصريح لمن يتابع السياسة الاميركية جيدا، موجه لقواعد الحزب تحضيرا للانتخابات النصفية التي ياملون فيها استرجاع الكونغرس من ايدي مؤيدي ترمب.

 

لكن سترى الجمهوريين يخرجون ليفندوا تلك الرواية بالقول ان الديمقراطيين لم يسقطوا الاسد ولا حتى بطريقة غير مباشرة لانهم اصلا لم يدعموا اسرائيل كفاية فقد حرموها من قنابل ٢٠٠٠ رطل. وساءت علاقتهم بنتنياهو…الخ.

 

ثم يخرج نتنياهو ليستثمر هو الاخر داخليا فيلقي خطابا اليوم يقول فيه ان ضربه لحزب الله هو من اسقط الاسد وان غاراته على دمشق وقتله قادة الحرس كان لها الفضل… وهكذا دواليك، ستجد ما يصوره عرب وغربيون يساريون مؤامرة يجب ان تبقى سرية، هو في واقعه امر يتمنى الاميركيون والاسرائيليون لو كان صحيحا اذن لاعلنوه ولوظفوه داخليا واحتفوا به.

 

مفيد ان نتنبه الى ان السياسة الخارجية الاميركية في كثير من جوانبها ومنها جانب سوريا، مكشوفة؛ ببساطة لانها ملف من ملفات الانتخابات يتحدث عنه الساسة في تجمعاتهم الانتخابية امام ملايين الناس ولقاءاتهم الصحفية وجلسات استماعهم العلنية في الكونغرس، ليس فيها اسرار كما يتصور كثيرون.

 

اظن من ملاحظتي لما يكتبه كثيرون ان الامر يحتاج قراءة اكثر لان الناس تبني افتراضات مخالفة للواقع بسبب عدم القراءة والاعتماد على السوشيل ميديا والفيديوهات والتصورات المسبقة والتفكير والفحص الانتقائي للاحداث.

مقالات ذات صلة