ماذا بين الضباب .

حاتم الكسواني

رغم الصورة الضبابية التي تغلف المشهد السوري والعربي اليوم إلا أننا نرى المستقبل بصورة مغايرة  .

فكما سقط بشار الأسد بفعل يده إبتداء بعسفه و إجرامه بشعبه بدلا من تلوين ربيعهم بألوان الحرية والديموقراطية ، ثم هروبه المذل غير المسؤول تاركا البلاد والعباد نهبا للفراغ السياسي والأمني ، الأمر الذي مكن العدو الصهيوني من التمدد في الأراضي،السورية وتدمير كل مقدرات الجيش السوري العسكرية ” الأرضية و الجوية والبحرية” دون أدنى مقاومة بسبب هروب عناصر الجيش السوري وترك مواقعهم بلا أية حماية ، في الوقت الذي كان يمكن للقيادات السورية أن تنقل قيادة البلاد ومقدراتها العسكرية  بشكل سلمي يحافظ على قوة سوريا التي بنيت خلال عشرات السنين بأموال السوريين وعرقهم.

أن ما جرى في سوريا يشير إلى أن كل طاغية هو بالأصل إنسان فردي سلطوي لا يهتم إلا بنفسه وبتسيده وبسلامته وهو يهرب عندما يشعر بأي خطر يتهدده وتسقط معه كل أكاذيب القوة و الوطنية ومعارك البناء المزعومة .

وكما سقط الأسد ” !! ” سيسقط كل طاغية وخائن ودكتاتور وأن جاء للحكم تحفه شعارات الثورة وصرخات الآملين بالتغيير .

كانت هذه مقدمة لما نراه لمستقبل وجود الكيان الصهيوني ، إذ نرى أن لا مستقبل لوجود الكيان الصهيوني في منطقتنا حتى لو كان كل مايجري من تخطيط القوى المعادية للأمة ، وحتى وإن كانت ملامحها هي ملامح خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس في ثمانينيات القرن الماضي وأعاد نتنياهو نسبها لنفسه مؤخرا ، وذلك للأسباب التالية :

1 – لن يبقى الوطن العربي مستسلما للتخلف والهوان ، ولن ترضى شعوبها أن يتم التلاعب بها لزمن أطول من ذلك .

2- ستنسحب صورة وتجربة حركتي المقاومة الإسلامية لحماس وحزب الله على كثير من قوى المقاومة الناشئة بإعتبارهما قدوة فيما حققتاه من صور الصمود الأسطوري طويل الأمد وما حققتاه من قدرة على تصنيع أسلحتهما وقدرة  على إستمرار  التصدي للعدو الصهيوني رغم ما اصابهما ويصيبهما من خسائر .

3- ستبقى تجربة حركة حماس حركة ملهمة لكل المقاومين وهي الأهم في إستنباطها لتكتيكات وأساليب مقاومة غير مسبوقة ستعتمد عليها وتحاكيها كل قوى المقاومة  في منطقتنا العربية  .

4 –  مهما إحتلت إسرائيل من أرض عربية ، ستبقى تتواجد في بيئة معادية ومقاومة لها ، وستواجه أيضا جيوشا معادية ستسعى دائما لتحرير الأرض العربية للوصول إلى تحرير القدس الشريف .

5 –  إن تعلمنا من تجاربنا فعلى كل القوى العربية أن تعمل على إمتلاك القوة العسكرية القادرة على تحييد سلاح الجو الإسرائيلي ،  وردع القوة التدميرية للعدو الصهيوني التي تقتل البشر و تدمر الحجر والإنسان والشجر  .

6- ولا بد من صياغة مشروع تحرير عربي ،  ومشروع بناء نهضوي للإنسان العربي ولكافة قطاعات البناء الوطني الإقتصادية والسياسية والإجتماعية التي تشكل أدوات التطور والبناء والتقدم اللازمة للمواجهة .

قد يبدو الأمر اليوم صعب المنال ، وقد يبدو باننا لن نتمكن من عيش لحظات التحرير والخلاص ، ولكننا نرى بأن الأجيال القادمة من أبناء الملياري مواطن عربي سترى هذا اليوم رغم إنعدام وضوح الرؤيا للمشهد الضبابي على الساحة العربية  .

مقالات ذات صلة