🇱🇧ماذا يعني انتخاب قاسم أمينًا عامًا لحزب الله؟
نقلا عن Abn
أعلن الشيخ نعيم قاسم منذ أيام إنّ حزب الله سيختار أمينًا عامًا خلفًا للسيد حسن نصر الله الذي جرى اغتياله في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، وهو ما تطلَب وقتًا لظروف عدة، منها أنّ هذا الاختيار يتم عبر الانتخاب من قبل مجلس الشورى للحزب، فضلًا عن الظروف الأمنية الدقيقة التي يمرّ بها لبنان وتجعل من الصعب على هذا المجلس أن يجتمع بشكل آمنٍ.
اغتيالات قاسية
تعرّض حزب الله خلال الأسابيع الماضية لسلسلة اغتيالات قاسية ضربت قيادته بشكل لم يكن متوقّعًا، جميعها جرت في الضاحية الجنوبية لبيروت.
بدأت هذه الاغتيالات بقائد أركان الحزب محسن شكر، ثم وصلت إلى قائد آخر هو إبراهيم عقيل كان برفقة عدد من القيادات الميدانية من قوة الرضوان (قوة النخبة الأشرس في حزب الله)، بعدها طالت أمينه العام حسن نصر الله في غارة شديدة وأدت إلى اغتيال القيادي علي كركي أيضًا، واستمرّت باغتيال رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين وعضو المجلس المركزي نبيل قاووق.
على إثر ذلك، بات السؤال ملحًّا عن حالة قيادة الحزب وسيطرته على المشهد، وتحكّمه بقدراته العسكرية على الجبهة الجنوبية ضد إسرائيل، وتحديدًا عن الشخصية التي ستخلف نصر الله في منصب الأمين العام.
ما هو دور الأمين العام؟
يلخّص حزب الله دور أمينه العام في كتب جرى نشرها من قبل شخصيّات محسوبة عليه، وتصريحات سابقة لنصر الله، بأنه دور قيادي لكنه غير مقرّر، حيث أنّ القرارات في الشؤون المهمة تحصل عبر التشاور بين الشخصيات المهمة في مجلس الشورى.
يِشرف الأمين العام على جميع الملفّات التابعة مباشرةً لحزب الله، أبرزها: الملف العسكري، الملف السياسي والملف الخدماتي المرتكز على مؤسسات خدماتية أنشأها الحزب خلال 40 عامًا.
يُشرف الأمين العام على جميع البيانات الإعلامية لحزب الله، ويكون له النصيب الأكبر من الخطابات أمام الجمهور في المناسبات المختلفة، وهو ما كان يحصل فعليًا على زمن نصر الله وقبله عندما كان السيد عباس الموسوي هو الأمين العام.
هل اختير قاسم بالإجماع؟
على مدى أكثر من 40 عامًا من تأسيس حزب الله، الذي تأسس عام 1982 وأُعلن عن تأسيسه عام 1985، لم يحصل أن حصل انشقاق أو خلافات حادة داخل الحزب خرجت إلى العلن، باستثناء ما جرى مع الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي.
بعد الطفيلي جرى انتخاب عباس الموسوي أمينًا عامًا بالإجماع، وكما سُرِّب عن تلك المرحلة أنّ هذا الأمر جرى فرضه كأمرٍ واقع على الموسوي، أي بعكس رغبته، وهي الأجواء نفسها التي خيّمت على اختيار نصر الله خليفة للموسوي بعد اغتيال الأخير.
ونظرًا لكون الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام، ولانضمامه لصفوف الحزب في المرحلة التأسيسية، بالإضافة اغتيال عدد كبير من شخصيات الصف الأول، يصبح من المرجح أن يكون اختيار قاسم أمينًا عامًا قد جرى بالإجماع، وإن كان هذا النوع من الاستحقاقات والاختيارات لطالما بقي غامضًا داخل حزب الله.
وأعرب نصر الله في مقابلات وخطابات عدة عن رغبته بانتقال الأمانة العامة منه إلى شخصية أخرى في الحزب، أو عن احتمال استشهاده في أي وقت، مشيرًا إلى أنّ نائب الأمين العام، أي قاسم، جاهز لاستكمال المهمة.
من هو نعيم قاسم؟
هو رجل دين من الطائفية الشيعية في لبنان يعود أصل عائلته إلى قرية كفرفيلا الجنوبية، من مواليد 1953، أي أنه أكبر سنّا من نصر الله، متزوج وميسور الحال، له ستة أبناء، أربع ذكور واثنان من الإناث.
دخل صفوف حركة المحرومين بقيادة الإمام موسى الصدر في سبعينيات القرن الماضي، والتي عُرفت لاحقًا بحركة أمل، وتسلَّم منصب نائب المسؤول الثقافي المركزي في الحركة.
ترقّى في السلم التنظيمي ليصبح مسؤول العقيدة والثقافة، حيث كان أحد الأمناء في مجلس قيادة الحركة بعد اختفاء الإمام الصدر في ليبيا.
استقال من الحركة عقب الثورة الإسلامية الإيرانية التي قامت على يد مؤسس الصورة آية الله روح الله الخميني في 11 فبراير/شباط 1979، ليتابع دراسته الحوزية ونشاطه الإسلامي التبليغي في إعطاء الدروس والمحاضرات في عدد من المساجد والحسينيات في بيروت والضاحية الجنوبية.
انضم لحزب الله في الفترة التأسيسية، جرى اعتقاله من قبل الجيش اللبناني في ثمانينيات القرن الماضي بقيادة الرئيس اللبناني آنذاك أمين الجميّل، حيث تعرّض لتعذيب في جلسات تحقيق وصفه هو بنفسه في أحد الوثائقيات بأنه كان تعذيبًا محمولًا، وذلك نتيجة الخلاف الكبير في الرؤى السياسية في تلك الفترة بين حزب الله من جهة والقيادة الرسمية اللبنانية التي كانت تنحو باتجاه السلام مع إسرائيل.
لك يكتفِ بالعلوم الحوزوية على غرار نصر الله، حيث وصل مراحل عليا في مجال الكيمياء ونال شهادة الماجستير، وقد درّس هذه المادة لصفوف ثانوية في مدارس في جبل لبنان قبل التزامه بالنشاط الحزبي، وأتقن اللغة الفرنسية بطلاقة.
كان عضوًا في شورى حزب الله لثلاث دورات، فتسلَّم بداية مسسؤولية الأنشطة التَّربوية والكشفية في بيروت، ثم نائبًا لرئيس المجلس التنفيذي، ثم رئيسًا للمجلس التنفيذي، وهو نائب الأمين العام لحزب الله منذ أصبح الموسوي أمينًا عامًا عام 1991، وكان مقرّبًا من نصر الله على أكثر من 35 عامًا.
تم تكليفه بقيادة الحملات الانتخابية الحزبية في الانتخابات النيابية، والتنسيق مع الأحزاب السياسية الحليفة لحزب الله، حيث تم تحقيق نتائج جيدة في هذا الإطار بإشراف قاسم. له نحو 20 مؤلّفًا في مجالات عدة، أبرزها موسوعة “حزب الله” التي تُرجمت لسبع لغات.
جرت محاولة اغتيال إسرائيلية فاشلة بحقه منذ أسابيع، وقد ألقى خطابين في الآونة الأخيرة، تحدث في ثانيهما عن انتقال الحزب إلى مرحلة “إيلام العدو” في الحرب الدائرة مع إسرائيل، وهو ما فُسِّر إعلاميًا بعودة منظومة السيطرة والتحكم لدى الحزب.
كيف يمكن أن يؤثر انتخاب قاسم على الحزب؟
يوصف نصر الله بأنه كان الأكثر عقلانيةً وهدوءًا من بين قيادات الحزب، وأنّ أكثر الشخصيات الباقية هي أكثر تشدّدًا منه، منهم قاسم نفسه، خاصة في السياسية الداخلية في لبنان.
هاجم قاسم في مقابلاته قيادات لبنانية عديدة، ولا شكّ أنّ حزب الله سيعرف معه مرحلة جديدة ستحكم عليها الأحداث قريبًا، وهو لا يزال في دائرة الاستهداف، كما أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي الذي أكد أنّ كل من يقف على رأس حزب الله سيكون هدفًا للاغتيال.
https://chat.whatsapp.com/CgcOjBkzbMdGwpsM8efEUH