غضب بين اللاجئين الفلسطينيين بعد وقف واشنطن تمويل الأونروا
سيطرت مشاعر الغضب والقلق السبت على الفلسطينيين الذين عبروا عن قناعتهم بأن واشنطن تسعى إلى “تصفية” قضيتهم، بعد القرار الأميركي بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، ما يهدد مشاريع حيوية يستفيد منها ملايين الأشخاص.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات طالب العالم برفض القرار وتوفير الدعم للوكالة، مشدداً على أنه لا يحق للولايات المتحدة تأييد سرقة الأراضي الفلسطينية والتصرف وفقاً لأهواء (إسرائيل).
وأضاف عريقات أن الأونروا نشأت بقرار من الأمم المتحدة، وبالتالي فإن على المجتمع الدولي بأكمله رفض القرار وإدانته.
بدوره، رأى نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني ونائب رئيس الوزراء أن القرار الأميركي اعتداء سافر على الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو ردينة أن الإجراءات الأميركية المتلاحقة تشكل تحدياً لقرارات الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن “الإدارة الأميركية لم يعد لديها أي دور في المنطقة وهي ليست جزءاً من الحل”.
من جهتها قالت وكالة الأونروا إن القرار الأميركي مخيب للآمال ومثير للدهشة.
المتحدث باسم الوكالة كريس جانيس رفض انتقاد الولايات المتحدة لمدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة في حالات الطوارئ.
وقال الناطق الرسمي باسم الأونروا عدنان أبو حسنة للميادين إنّ القرار الأميركي مفاجىء وغير مقبول، وأنّ الوكالة تستنكره بشدة.
وأشار إلى أنّ “قرار واشنطن بشأن الأونروا يأتي ضمن سياق سياسي واضح لا علاقة له بتمويل المنظمة”، مضيفاً أن الوكالة تعمل حسب التفويض الممنوح لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ووصفت عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي القرار بأنه “متهور وغير إنساني”. وأضافت في بيان باسم اللجنة التنفيذية أن “هذا القرار هو خطوة مجحفة تستهدف الشريحة الأكثر ضعفاً في المجتمع الفلسطيني وتعرض حياة أكثر من خمسة ملايين لاجئ لا زالوا يعانون من التشرد المتكرر والحرمان”.
ووصفت عشراوي الأونروا بانها “شريان حياة بالنسبة للاجئين المقيمين في 58 مخيماً في فلسطين المحتلة ولبنان والأردن وسوريا”.
وقالت إن “اللاجئين هم الضحايا الفعليون الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم وأمنهم وأرضهم نتيجة لإقامة دولة إسرائيل وها هم اليوم ومرة أخرى يقعون ضحية لقرارات ومخططات الإدارة الأميركية التي لا تتوانى عن دعم الاحتلال العسكري الإسرائيلي وتوفر له الغطاء اللازم للافلات من العقاب والمساءلة والمحاسبة”.
وطالبت عشراوي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم الدعم للأنروا.
بدوره، استنكر الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط السبت القرار الاميركي. وقال في بيان ان القرار الذي صدر عن البيت الابيض “يفتقر للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي”.
وحض الاتحاد الاوروبي الولايات المتحدة على اعادة النظر في قرارها المؤسف، وقال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي في بيان إن “القرار المؤسف للولايات المتحدة بألا تكون بعد اليوم جزءا من هذا الجهد الدولي والمتعدد الطرف يخلف فجوة كبيرة”.
وتابع المتحدث “نأمل بأن تعيد الولايات المتحدة النظر في قرارها” مؤكدا انه سيبحث مع شركائه “كيفية ضمان مساعدات مستديمة ومتواصلة وفعالة للفلسطينيين بما في ذلك عبر الاونروا”.
– انعكاسات خطيرة –
تقدم الأونروا مساعدات لأكثر من ثلاثة ملايين من مجمل اللاجئين عبر توفير المدارس ومراكز الرعاية الصحية وعبرت مراراً عن خشيتها في غياب التمويل من اضطرارها إلى إغلاق أكثر من 700 مدرسة تديرها بعد إغلاقها بصورة مؤقتة.
وفي قطاع غزة المكتظ والمحاصر حيث يرتاد معظم الأطفال مدارس الأونروا، أثار القرار الأميركي الكثير من القلق بشأن مستقبلهم التعليمي.
وقال أبو محمد حويلة (45 عاماً) من مخيم جباليا شمال القطاع وهو أب لتسعة أبناء، إن “وقف المساعدات سيؤثر بشكل كبير على أولادنا (…) سيحرم آلاف الطلاب من الذهاب إلى المدرسة” ووصف القرار الأميركي بأنه “مجحف وظالم”.
وأضاف “الناس ليس لديها المال لشراء الكتب واحتياجات المدرسة”.
وقال هشام ساق الله (55 عاما) إن القرار “سيدمر مستقبل عدد كبير من الطلاب ويرميهم في الشارع ويحرمهم من أهم حق من حقوق الإنسان (…) إنه نوع من الابتزاز السياسي والضغط على الشعب الفلسطيني”.
– اجراءات أميركية “خطيرة” –
عبرت الأمم المتحدة عن أسفها للقرار الأميركي مؤكدة أن الأونروا “توفر خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتسهم في استقرار المنطقة”.
وكان المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس حذر الأربعاء من أن المنظمة لن يكون لديها مال في نهاية أيلول/سبتمبر.
وقال غونيس السبت لفرانس برس إن “الناس سيشعرون بمزيد من الاستياء والتهميش” محذرا من “العواقب الخطيرة والعميقة وغير المتوقعة” لمثل هذا القرار الأميركي.
وقال هيو لولات الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن القرار الأميركي وسيلة تسعى من خلالها واشنطن “بصورة منفردة إلى رفع مسألة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عن طاولة المفاوضات”.
لكنه أضاف أن “الإجراءات الأميركية خطيرة ولن تنجح”، مشيراً إلى أن لبنان والأردن لن يكون بامكانهما تقديم مساعدات مالية للاجئين.
وظهرت بعض المبادرات لتأمين التمويل بعد القرار الأميركي إذ أعلنت برلين الجمعة عن زيادة كبيرة في مساهمة ألمانيا في الأونروا ودعت شركاءها الأوروبيين إلى الاقتداء بها.
والجمعة، أعلن الأردن عن تنظيم مؤتمر في 27 أيلول/سبتمبر في نيويورك لدعم الأونروا التي تعاني عجزا ماليا يفوق 200 مليون دولار (170 مليون يورو).
ومنذ نهاية 2017، دفع قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل القادة الفلسطينيين إلى قطع الاتصالات مع واشنطن ورفض دورها كوسيط في عملية السلام.