الأمير زيد بن رعد يغادر أممية حقوق الأنسان بعد 4 سنوات من التحديات

يغادر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد منصبه يوم الجمعة، بعد أربع سنوات من تولي منصبه مدافعا عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية والعالم منذ 2014، ومواجها خلالها تحديات جسيمة وضغوطات جمة كأول عربي ومسلم يتولى هذا الموقع.

واعتبر مسؤول مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمفوضية الأممية محمد علي النسور، إن فترة ولاية الأمير أثبتت “أن فرضية الصدام الحتمي بين الإسلام وحقوق الإنسان غير حقيقية”.

وشهدت فترة ولاية الأمير زيد، حالة من الشد والجذب، واجه فيها العديد من الانتقادات بين مدافع عن سياسته بفضح انتهاكات حقوق الإنسان خاصة في بعض الدول العربية، وبين من اعتبر أن هناك “انتقائية” بفضحه للانتهاكات بين الدول.

وقد عبّر الأمير في مقابلة له منتصف الشهر الحالي نشرتها أخبار الأمم المتحدة على صفحتها الرسمية، عن رضاه بما أنجزه خلال مسيرة عمله، رغم تعرضه لما قال إنه “ضغوطات من كافة الدول”، قائلا إنه لم يمارس عمله خاصة فيما يتعلق بفضح الانتهاكات “بانتقائية”، بل إن التدخل بهذه الأمور كان يعتبر لدى الدول “مسا بالسيادة”.

وقال في المقابلة إن عدم إبدائه أي رغبة بتولي الموقع لولاية ثانية “مرده صعوبة حصوله على دعم الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الدولي” على ضوء تواصله معهم، وذلك بسبب التقارير التي وردت على لسانه أو أصدرتها المفوضية فيما يتعلق بهذه الدول وممارساتها بالمناطق التي تشهد نزاعات كما في سورية واليمن.

كما وجه انتقادات لاذعة لعدد من رؤساء الدول، من أبرزها وصفه للرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ”الخطير”، وكذلك الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، وتمسك مرارا بموقفه بالمصارحة بفضح الانتهاكات، قائلا إن الصمت لا يكسبه الاحترام.

وفيما ستكرم الحكومة الهولندية الأمير زيد الأسبوع المقبل، قال النسور إن الأمير “أثبت خلال فترة ولايته بأن فرضية الصدام الحتمي بين الإسلام وحقوق الإنسان غير حقيقية”، وأن المواقف التي عبر عنها بخصوص أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية تنفي ما يسوقه البعض من أن أحترام حقوق الإنسان واجهة لأجندات غربية”.

واعتبر النسور أن تسلم الأمير كأول عربي ومسلم للمنصب، يأتي دعما للحركة الحقوقية العربية التي طالما دعت إلى التنفيذ المخلص لالتزامات الدول العربية تحت المعاهدات التي صادقت عليها بوجوب احترام الحريات والحقوق والمساواة والمشاركة الكاملة بعملية صنع القرار في الدول العربية.

وعلى المستوى البرامجي، قال النسور إن في عهده تم تخصيص ميزانية لدعم مشاريع منظمات حقوق الإنسان العربية وزيادة البرامج الفنية والتدريبية للمسؤولين الحكوميين ونشطاء المجتمع المدني على السواء.

كما رأى المسؤول الأممي أن الأمير زيد قد وقف بشجاعة كبيرة في وجه دعوات العنصرية والتمييز ضد الأقليات والأجانب في أوروبا والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم، وأنه لم يتردد بانتقاد قادة “وسياسيين شعبويين” وساهم بشكل كبير بالحد من انتهاكات حقوق الإنسان بمختلف دول العالم وبشكل خاص في سريلانكا ومينيمار وافريقيا الوسطى.

وعن تصريحات الأمير زيد بشأن تعرضه لضغوطات خلال فترة عمله، قال النسور: “نعم تعرض لضغوط ولا يمكنني أن أتحدث باسمه أو بالتفصيل حول طبيعة هذه الضغوط والأطراف التي مارستها، ولكن ما أقوله هنا وبحكم عملي بأن السيدة ميشيل باشيت المفوضة الجديدة ستتولى مهامها بالأيام القادمة وسوف نراقب فيها إذا كانت الدول العربية ستتعاطى مع المفوضة الجديدة بنفس الأسلوب الذي تعاطت به مع سمو الأمير زيد أم لا”.

وردا على اتهام الأمير بالانتقائية بمهاجمة بعض الدول والحكومات، قال النسور إن هذه المقولة “مغلوطة لأن الانتقاد العلني يكون قد سبقه عدة حوارات دبلوماسية”.

وأوضح “الأمير وطول فترة ولايته لم يعلق على الدول بشكل علني إلا بعد استنفاد الحوار والدبلوماسية مع الدول المعنية. والحكومات التي تم انتقادها تعلم بأن المسائل والانتهاكات التي تم الاشارة اليها في خطابات سمو الأمير زيد هي حقيقية ومخالفة لأحكام معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها”.

وكان الأمير اعتبر في مقابلته لإعلام الأمم المتحدة، أن الانتهاكات التي شكلت بالنسبة له صدمة، طيلة فترة عمله، كانت تلك المتعلقة “بالانتهاكات في سورية بحق المدنيين، إضافة للانتهاكات التي ارتكبت وما تزال ترتكب بحق الروهينغا في بورما”.

واعتبر الأمير أن أوضاع حقوق الإنسان “شهدت تقدما” في العالم العربي في بعض الملفات، فيما أشار إلى أن لديه “قلقا” ما يزال بالنسبة لديه فيما يتعلق بالأوضاع في سورية وفي اليمن، وفي قطاع غزة التي وصف الأوضاع فيها بأنها “مؤلمة للغاية”.

شغل الأمير زيد بن رعد منصب مسؤول الشؤون السياسية في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بيوغسلافيا السابقة خلال الصراع في البلقان، كما أنه شغل منصب مندوب الأردن لدى الأمم المتحدة خلال الفترة من 2000 إلى 2007 وبعدها عمل سفيرا  للأردن في الولايات المتحدة، وشغل عضوية اللجنة الاستشارية لمعهد العدالة والمصالحة التاريخية.

مقالات ذات صلة