
عذرا غسان كنفاني
محمد عماره العضايله
عذرآ غسان كنفاني ياصاحب رواية “رجال في الشمس ” فلم يعد الرجال في الشمس ولا حتى في القمر بل في الكهوف وبين الجدران المغلقة التي لاحياة فيها فكلنا يا صديقي تركنا الميدان واصبحنا محاصرين بين الجدران والأفكار الانهزامية حتى صراخنا وحديثنا أصبح محاصرا بين الجدران وسماع أحاديث التفاهة لأن العقل والرأي صارت من الماضي كما البندقية عنوان محاربة المحتل والقوة وحماية الأمة صارت هي والكلمة من ميراث الأجيال الذي قتلناه في نفوس الناس فكل مواثيقنا وعهودنا وروابطنا حرقت والغيت لأن التافهين حسموا المعركة لصالحهم هذه الأيام فقد تغير الزمن زمن المباديء والقيم وغابت شمس الحرية ولغيابهم طفا الفساد المبرمج والهابط ذوقا واخلاقا فالزمن هو زمن الصعاليك الهابط الذي اوصل إمتنا للدرك الاسفل من الأسفاف فقد وضعت الدول القوانين والانظمةالمجحفة التي تحارب التنوير والفكر المستنير فمن يكتب اويتكلم او يحاول ان يوقظ الأمة من نومها ويوجهها نحو النهوض والصلاح فالسجون أصبحت لهم وخلت من سارقي عيشهم وثقافتهم لأن الكاتب صاحب المباديء والحق لا يستطيع تقليد السياسين وصناع التفاهة فالسياسي هو الأقدر على المتاجرة بالبشر فالكذب والخداع هو صورتهم الحقيقية .
إننا نسير في نفق مظلم ومهدد بالهدم فوق رؤوسنا فالصهاينة والمتصهينون هم قادة العالم عالم الاستعمار ونحن اتباعهم فعالم الاستعمار يبيعون الكذب والوهم وهذا هو ديدنهم على مر التاريخ فقد عرفنا امثلة كثيرة منها عندما طلب الفرنسيون وهم يستعمرون الجزائر ان يقف الجزائريون معهم حتى يتخلصوا من الاحتلال وما أن إنتهت الحرب العالمية الثانية عام ١٩٤٥م و أعلن الرئيس الامريكي روزفلت ان الشعوب التي وقفت معهم في الحرب سينالون حق تقرير مصيرهم حينها خرج الجزائريون بمئات الالاف في مظاهرات سلمية يوم الثامن من أيار(مايو)عام ١٩٤٥م لمطالبة فرنسا بتنفيذ وعدهم بالاستقلال بعد أن وقفوا معهم في الحرب الا انهم نكثوا الوعد وتذكر كتب التاريخ ان الجزائريين دفعوا في ذلك اليوم بل وفي ساعات اكثر من خمسة وأربعين ألف شهيد وقام الفرنسيون باحراق جثثهم بالجير وحرقها ودفنها في مقابر جماعية ولهذا يحتفي الجزائريون كل عام بهذه الذكرى الاليمة تحت شعار (لن ننسى ) لأن الذاكرة لاتتأكل بالتقادم ولا تقبل المساومة انها تشبه مايجري في غزة من إبادة وقتل ودمار انها صورة ساطعة لصورة قوى الظلام وزناة الارض المتحكمين بكل مفاصل الحياة حياة التافهين الجبناء الانذال وما نحن الا الضحايا الجدد في هذا النهج الوحشي فمجرى التاريخ تغير إلا من القلة الذين يؤمنون بحرية الشعوب ويحملون مشاعل الحرية والنور.
ان التافهين واتباعهم يحاولون ان يجعلوا الشعوب تنسى التاريخ وتكفر بالقيم والمبادئ .
ان المسافة طويلة والريح الهوجاء تأتينا من كل جانب فالانسان الحقيقي المؤمن بحقه وحريته واستقلاله قد رحل فلم يعد هناك رجال في الشمس ولاتحتها وكما قال غسان كنفاني ” لا عذر لمن أدرك الفكرة وتخلى عنها “.
أصبحنا ابواقا للتفاهة والاستبداد بكل اشكاله اوحتى كالحرباء التي تغير جلدها متى أرادت …أصبحنا هلاميين لا تعر ف لنا وجها ولا قفا .
ان صناعة التفاهة التي نقوم عليها انستنا معنى الحرية والكرامة واحترام الرأي وخنا بذلك الوعد والعهد ومعنى تحرير الأوطان الا اؤلئك القابضين على جمر الحرية والخلاص المؤمنين بحرية الانسان والاوطان في غزة العز والكرامة الذين رووا الارض بدمائهم الزكية الطاهرة الذين يقفون في الشمس أمام الظلام والاستبداد والقهر والعدوان وكما قال نزار قباني :
يامن يصلي الفجر في حقل من الالغام
لاتنتظر من عرب اليوم سوى الكلام
سميتك الفجر الذي ينتظر الولادة يا اخر المدافعين عن ثرى طروادة
“سيذكر التاريخ يوما
قرية صغيرة
تدعى معركة
قد دافعت بصدرها
عن شرف الارض
وعن كرامة العروبة
وحولها قبائل جبانة وامة مفككة.”
وختاما يا صاحب رجال في الشمس ان من تبقى منهم هم في غزة التي تتوضأ بالحرية وشمسها الساطعة



