معقول ولا جامعة؟!.. صالح عبدالكريم عربيات

تناقش سنويا في جامعاتنا الآلاف من مشاريع التخرج؛ هل من بينها ولو مشروع زراعة (نعنع) طبق على أرض الواقع!!

مؤسس فيسبوك، أو واتس أب، او تويتر، شباب في مقتبل العمر، لم يحملوا على الأكتاف ليردد المئات خلفهم: يا ويل اللي يعادينا، ولم يغلقوا الطريق، ولم يولموا للأصدقاء والجيران والأقارب حتى بوجبات برجر، ومع ذلك دَخْل تلك المشاريع الناجحة والعبقرية يعادل دخل الدول العربية بغازها جميعها!!

كثيرا ما أصدف فاردة لأحد الطلاب بعد مناقشة مشروع تخرجه وقد أغلق الطريق بالكامل، ولا أبالغ إن قلت إن أول رائد فضاء لم يحظ بهذا الموكب المهيب بعد عودته من القمر!!

لو كان إغلاق الطريق احتفالا بمشروع تخرج طالب تخصص إنتاج نباتي استطاع أن يحدث ثورة في عالم الزراعة وأنتج بطيخا بلا بزر لما غضبنا، ولو كان الموكب المهيب احتفالا بمشروع تخرج طالب تخصص إنتاج حيواني استطاع مضاعفة إنتاج الماعز من الحليب لكان الوقوف على جانب الطرقات لتحيته والسلام عليه أحد أهم واجباتنا الوطنية، ولو كان مشروع تخرج أحد طلاب الهندسة إيجاد حل لأزمة دوار أو تقاطع كان يسبب معاناة للناس لكان تسمية الدوار باسمه هو أقل تكريم!!

ولكن، من بين كل تلك المشاريع التي نزغرد لها، ونذبح ونسلخ لها، لا يوجد أي مشروع قابل للتطبيق العملي حتى لو كان المشروع مصيدة (قارص)!!

جامعات العالم تفخر دائما بطلابها وإنجازاتهم العلمية والعملية ولديها لوحات شرف بأسمائهم وابتكاراتهم، ونحن نناقش سنويا الآلاف من مشاريع التخرج وعلى دوالي الجامعات في كلياتها الزراعية لا يوجد قطف عنب سليم!
حين نغيب عن تصنيف أفضل الجامعات في الشرق الأوسط المنشور مؤخرا، ويحتل الكيان الصهيوني بالتصنيف المراتب الأربع الاولى، ندرك مدى ما وصل إليه حال الجامعات في الأردن!!

طبيعي أن لا يكون لنا تصنيف والطالب يشتري مشروع التخرج من نفس المكان الذي يشتري منه وجبة الزنجر، من المنطق أن لا يكون لنا تصنيف ونحن نخصص لمشروع تنقية المياه العادمة في إحدى المحافظات ما يعادل مخصصات البحث العلمي في كل الجامعات، طبيعي أن لا يكون لنا تصنيف وإحدى الجامعات الأردنية أعداد من تخرجهم من حملة درجة الدكتوراة أصبحوا أكثر من حملة شهادة خلو الأمراض في الأردن!!

غياب الجامعات الأردنية عن التصنيف لم يستفزّ احدا، ولم تعقد الحكومة جلسة طارئة لمناقشة أسبابه، ولم تدعُ لمؤتمر عاجل يناقش بأسلوب عقلاني هذا الفشل الذريع في المنظومة التعليمية، بينما قاعات الفنادق مشغولة في الصباح والمساء بمناقشة وشرح قانون اللامركزية!!

ملايين صرفت على بوفيهات وورشات اللامركزية حتى الآن، ولو وضعنا لكل مواطن أردني معلما خاصا لشرح القانون في منزله لكان ذلك أوفر بكثير على خزينة الدولة!

هل فكرت جامعاتنا بحوسبة الامتحانات بحيث لا يكون للعنصر البشري أي تدخل في العلامة، ويكون خيار الطالب الدراسة لا البحث عن قوات التدخل السريع من أقارب الدكتور وأصدقائه وجيرانه لمساعدته!

هل استفدنا من اتفاقيات التوأمة بين جامعاتنا والجامعات الغربية المرموقة لرفع سوية التعليم، أم انها ما تزال حبرا على ورق مثل آلاف اتفاقيات التعاون التي نسمع عنها ولا نرى تطبيقاتها!

حين تغيب المؤسسات التعليمية عن التصنيف والتي مهمتها صناعة قادة المستقبل، بكل تأكيد لن يكون هناك مجرد حلم بمستقبل؟!

مقالات ذات صلة