على مبدأ “الشفتيشي”!.. أحمد حسن الزعبي

لبس في البيت سروالاً صينياً “شفافاً” وشبّاحاً يظهر لحم أكتافه والفقرة الخامسة من عموده الفقري ،وعندما ضحك الأولاد من اللباس وشرعوا يهمسون فيما بينهم ، نهرهم وطلب منهم أن يغمضوا عيونهم عن عورته و هددّهم بأقسى العقوبات إن هم تكلموا ثانية..انصاع الأولاد لأمر الوالد وصمتوا وأغمضوا عيونهم ، فاستمرأ أبو يحيى القصة..في اليوم التالي خرج بنفس اللباس “الشفتيشي” ليرمي “عروق الملوخية” خلف السياج كان ينظر إلى شابيك الجيران بتوجّس وكلما نظر إليه أحد من السكان كان يصرخ “عيب عليكو تتفرّجوا عالناس سكّروا الشبابيك والبرادي”..وذوقاً كانت تُغلق الشبابيك لكنّها لم تغلق سيرته ولا عبارات الاستهجان في البيوت..

في اليوم الثالث اعتقد أن ما يقوم به أمراً طبيعياً فأخذ “دلو رايب” وذهب إلى الملبنة في آخر الحي أيضاَ بنفس الطقم الفاضح..وكلما نظر إليه مارّ أو جار كان يطلب منه أن يغمض عينيه (عيب تطلّوش..غمضوا عيونكو)..كثرت الشبابيك التي تفتح لتراه ، وكثر عدد الواقفين أمام محلاتهم يهمسون وينتقدون طريقة اللباس وهو يصرخ بنفس الجمل “عيب عليكو تتفرّجوا ع الناس..شو قلّة هالحيا..سكروا الأبواب وفوتوا.كل واحد ع شغله”..استجاب نصف الواقفين بينما استمر النصف الآخر بانتقاده وشرح عيوبه وتوصيف عوراته الواضحة للعيان.

ولأنه لم يثنه كلام الناس فقد قرر في اليوم الرابع أن يدفع “فاتورة الكهرباء” في آخر البلدة مرتدياً ذات السروال والشباح ،و في اليوم الرابع أيضاَ لم يعد يخجل منه احد أو يجامله احد ، لم يبق امرؤ في المدينة الا ونظر إليه وانتقده واستخفّ بفعلته وأشار إليه أن يستر عورته ويعود إلى رشده ،وهو ما انفك يتشاجر مع هذا ويهدد ذاك ويطلب من هذا أن يغض البصر حتى صار حديث المدينة كلها و”العلكة” التي يلوكونها بأفواههم..جلس منهكاً آخر النهار وطنين الكلام في المدينة يردد اسمه كل جزء من الثانية..

اقترب منه “ختيار”..شو مالك زعلان وبتلاقط بهالناس حجي؟..أبو يحيى: مش سامعهم بيحكوا عليّ..الختيار وبطولة بال: استر حالك ما حدا بيجيب سيرتك!..
**
الحكومات مثل أبو يحيى كلها عيوب وعورات وماشيه بالعرض ..وما بدها حدا يحكي عليها! 

مقالات ذات صلة