أسباب تراجع إقتصاد الأردني وكيفية الخروج.. عبدالمنعم الزعبي

– عبدالمنعم الزعبي

أريد من نشر هذا الرسم البياني التنبيه الى المبالغة غير الدقيقة في تحميل اغلاقات الأسواق المجاورة كامل مسؤولية التراجع الاقتصادي في المملكة، وهو ما دفع المحللين والمسؤولين الى التعامل مع هذا التراجع على أنه ظرف مرحلي بنتهي باعادة فتح الأسواق المجاورة.

فكما تشاهدون، ولو افترضنا جدلا بأن انخفاض الصادرات من أعلى قراءاتها عام 2014 هو السبب الوحيد لتباطؤ النمو الاقتصادي في المملكة، تكون مساهمة اغلاقات الحدود في انخفاض النمو ما بين الأعوام 2014 و 2017 حوالي 1% فقط (من 3.1% الى 2%).

وكما يعلم الجميع، فقد ساهمت عوامل أخرى غير اغلاقات الأسواق بشكل جوهري في تخفيض معدلات النمو الاقتصادى خلال هذه السنوات أهمها حزم التقشف الحكومي بمئات ملايين الدنانير، وتراجع القوة الشرائية، وتقلبات الثقة في الاقتصاد المحلي، وبما يعني أن مساهمة اغلاقات الأسواق المجاورة وانخفاض الصادرات في تباطؤ النمو لم تتجاوز ال 0.5.% تقريبا لنفس الفترة.

النتيجة التي تقود اليها القراءة السابقة تؤكد بأن اعادة فتح الأسواق المجاورة أمام الصادرات الأردنية يمكن أن يرفع معدل النمو الاقتصادي من 2% حاليا الى حوالي 2.5% فقط أو أكثر قليلا، وهو أقل من ثلث المعدل المطلوب لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمل.

بالمحصلة، يؤكد هذا التحليل البسيط أن الاقتصاد الأردني ليس أمام ظرف مرحلي أو دورة تباطؤ، انما أمام واقع جديد صعب ومستمر ناجم بالدرجة الأولى عن الانفاق فوق قدرة الاقتصاد لأكثر من 30 عاما من خلال المساعدات والاستدانة، ونتيجة لاجتهادات خاطئة في السياسات الاقتصادية وسوء الادارة والتطبيق في كثير من المراحل.

في ضوء ما تقدم، وفي ظل تأكيد معظم المشاهد والتطورات المحلية على صحة فرضية الواقع الجديد، فان من الأجدى للحكومة تبني استراتيجية اقتصادية جديدة تقوم على المحاور التالية:

أولا: مكاشفة نفسها ومواجهة الرأي العام بالواقع الجديد والأسباب التي تقف وراءه بالتزامن مع خطة عملية لمساعدة المواطن على التأقلم مع هذا الواقع عبر التركيز على شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير السكن وتعزيز خدمات التعليم والصحة، بالاضافة الى تحفيز ترشيد الاستهلاك من قبل المواطنين.

ثانيا: اطلاق خطة لتعزيز الصمود الاقتصادي بعيدا عن المساس المباشر بدخل المواطن من خلال تخفيض الانفاق الرأسمالي الأقل أولوية والأقل مساهمة في دفع النمو.

ثالثا: تحديد قطاع أو قطاعين اقتصاديين منافسين وتوجيه الموارد الحكومية المحدودة لدعم وتحفيز هذه القطاعات المختارة عوضا عن سياسة دعم جميع القطاعات الاقتصادية التي أثبتت فشلها عبر السنوات الماضية، وهو ما يحتاج الى 3-5 سنوات لجني النتائج.

ملاحظة: هذا التحليل قائم على القياس الموضوعي البسيط وعلى مجموعة من الطروحات القابلة للنقد من قبل المحللين والنقاد.

مقالات ذات صلة